ولعل ما يجري هذه الأيام من قتل للأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة المحتلة, ومن نسف للبيوت السكنية فوق رؤوس ساكنيها وتشريدهم وممارسة كل أنواع البلطجة والإرهاب والإجرام بحقهم, البرهان الأكبر على ذلك في ظل الموقف الأميركي الداعم لهذه السياسات المتطرفة والذي وضع كل ثقله السياسي في مجلس الأمن الدولي لتبريرها وإيجاد الذرائع الواهية لعدم إدانتها من قبل المجتمع الدولي.
فالفيتو الأميركي الذي استخدمته واشنطن ضد مشروع القرار العربي الذي يطالب بإدانة العدوان الإسرائيلي, ووقفه فوراً وإلزام إسرائيل بعدم العودة إلى مثل هذه الممارسات اللاإنسانية ضد الفلسطينيين الأبرياء, جاء ليؤكد من جديد أن الانحياز الأميركي السافر لإسرائيل لم يعد يقتصر على دعم هذه الأخيرة بكل صنوف الأسلحة والتستر على جرائمها وتشجيعها على التمادي على قرارات الشرعية الدولية, بل دخل مرحلة جديدة قوامها التماهي مع السياسات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية ووأد حقوق الشعب العربي الفلسطيني وترتيب أوضاع فلسطين بالتوازي مع ترتيب الأوضاع في العراق, وبما يخدم المشروع الأميركي - الصهيوني للسيطرة على المنطقة والتحكم بمقدراتها ومستقبلها السياسي.
وقد لاحظ العالم كله هذا التناغم بين السياستين الأميركية والإسرائيلية تجاه ما يجري في غزة, ففي الوقت الذي قدم العرب مشروع قرارهم واستخدم الأميركيون (الفيتو) كان الإرهابي ارئيل شارون يدعو جيشه المحتل إلى توسيع عملياته العسكرية في القطاع وارتكاب المزيد من المجازر البشعة بحق الفلسطينيين, وبموازاة ذلك تسريب المعلومات التي تؤكد أن الهدف النهائي لإسرائيل هو القضاء على أي أمل بتحقيق السلام, أو العودة إلى المفاوضات وبالتالي ترسيخ احتلال الأرض واستكمال حلقات المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة.
ولعل السؤال الجوهري هو أين هي مسؤولية القوى العظمى في العالم ولاسيما أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين في وقف العدوان الإسرائيلي وحماية الشعب العربي الفلسطيني? وأين هي مسؤوليتهم في تنفيذ قرارات المجلس والحفاظ على هيبته ودوره في حفظ الأمن والسلم الدوليين? ومن ثم أين هي غيرة الإدارة الأميركية على تطبيق قرارات الأمم المتحدة وخصوصاً أنها تضع كل ثقلها لتطبيق قرارات أخرى مثل القرار 1559 رغم أنه يتدخل بالشؤون الداخلية للبنان وينال من سيادته واستقلاله? ألا يعني كل هذا شلل مجلس الأمن كما قال المندوب الفرنسي أمس الأول?!