ثقافة منفتحة وديمقراطية, التأسيس لحالة صحية من الحوار, احترام الرأي الآخر, تشجيع الاختلاف المثمر, استقطاب جميع التيارات والأفكار..
ولكن الامتحان الأول جاء سريعا, إذ كتب ناقد موسيقي رصين مقالا سجل فيه بعض الملاحظات السلبية الهادئة على الدار إلى جانب كثير من عبارات التشجيع والمديح, فطلبت الإدارة من المكتب الصحفي ردا تكذيبيا (حاميا), ولكن الشباب المستجدين, وكانوا لايزالون مسدنمين بكلمات اليوم الأول المدوخة, ردوا بحسم لطيف:(إنه رأي موضوعي, لايستحق تكذيبا, بل نحاوره ونستفيد من ملاحظاته..)
الامتحان الثاني كان أشد صعوبة, ففيما كانت الإدارة تنتظر من هؤلاء الشباب أن يملؤوا الصحف المحلية والعربية بمقالات مدائحية حول كل ماتعرضه الدار, كتب واحد منهم, وهو صحفي معروف قبل ان يكون موظفا في المكتب الصحفي مقالا انتقد فيه عرض (إنانا) الأخير ثم مقالا نقديا آخر عن عرض (الدبلوماسيون)..
وهنا أدركت الإدارة أن هؤلاء قد وقعوا ضحايا لسوء تفاهم. لقد صدقوا الشعارات المعلنة وأخذوها على محمل الجد, فسارعت الى حسم المشكلة إذ أوقفتهم عن العمل في المكتب الصحفي دون أن توكل لهم مهام أخرى, أي ببساطة حولتهم الى عاطلين عن العمل..
الذريعة هي انهم لم يقوموا بواجبهم, وذنبهم الوحيد هو انهم رفضوا الدور الهزيل الموكل اليهم: أن يكونوا حراسا شرسين لسياسات وخيارات الإدارة, حتى الخاطئة منها..