تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاحد 10 /10/2004
علي قاسم
الصورة التي جسدها الاغتراب في عمقه التاريخي مندمجة مع رؤية التفاعل الحضاري والإنساني التي عرفتها البشرية كميدان للتلاقي الذي يكتنز في جنباته الحوار والقيم والتشارك.

بهذا المشهد كان افتتاح مؤتمر المغتربين وخطاب السيد الرئيس بشار الأسد كخطة عمل رسمت ملامح التحرك, وجسدت أصالة الانتماء, مثلما حددت الأسس الحقيقية للتلاقي والتفاعل الخلاق.‏

غير أن مشهد العلاقات الدولية لا يتفق مع ذلك المشهد, بل هناك صور مغايرة تماماً ترتسم في أفق هذه العلاقات, حيث المصطلحات والمفاهيم العائمة التي أضحت تشير بوضوح إلى أن النسق الجديد المهيمن يريد استبدال الكثير من المعطيات وفرض أخرى لا تكتفي برفض منطق الحوار, بل أيضاً تريد تعميم منطق القوة.‏

والمسألة لا تقتصر على التداعيات المباشرة والإسقاطات السياسية التي تشهدها الساحة الدولية في المساجلات القائمة, إنما تتحرك في إطار من الانعكاسات ذات البعد الاستراتيجي الخطير الذي يتحرك في هيمنته وحالة الاستلاب ليكرس واقعاً سياسياً شديد الوطأة تفتقر معه الأمم والشعوب إلى معينها الحضاري والثقافي الذي يشكل قاعدة انطلاقها ولغة حوارها.‏

ووفق الرؤية المناهضة والمناقضة ثمة أولويات تفرض نفسها فيما الاستحقاقات الفعلية تتغيب وتستبعد, بل هناك محاولات خطيرة لاستبدال تلك الأولويات بأخرى مستجدة وطارئة لا تنظر إلى الناتج التاريخي الذي فرضها, ولا تأخذ بعين الاعتبار العوامل التي ساهمت في إنتاجها كحالة تعبير عن الواقع السياسي الذي تريده أن يسود.‏

ويتوازى ذلك مع المخاوف التي تسيطر على المجتمع الدولي, وعلى الأمم والشعوب لتتحول في نطاق تأثيرها إلى لغة جديدة يراد توظيفها لتوطين حالة اليأس والقنوط, بحيث تصبح أحد العوامل المساهمة في زيادة مظاهر الخوف والقلق.‏

وإذا كانت هذه الحالة مرفوضة, وتعابير الرفض تنتشر في مستويات عديدة, فإن الحديث المعمق عن دلالاتها كظاهرة, مصاحبة للنظ¯ام العالمي الجديد, وتقديم التفسيرات لتلك الظاهرة, وحتى شرح أسبابها وعوامل نشوئها, يشكل مدخلاً لا بد منه لتوضيح معطيات الموقف, حيث المشهد رغم سوداويته يحتفظ في تفاصيله بالكثير من عوامل النضج الفعلي للممانعة, ومن ثم المواجهة بطريقة الرفض والعمل على إيجاد البدائل والوسائل الضرورية.‏

فالتحولات الخطيرة في اتجاهات المنظمة الدولية ومحاولات الاستلاب والهيمنة لتصبح مبررات وذرائع لأهداف وغايات الدول الكبرى, تشكل هي الأخرى ظاهرة لا تقل خطورة, بل تتعدى في الكثير من معطياتها الانعكاسات القائمة من حالة الخلل التي يعاني منها النظام العالمي.‏

لقد كان احتضان دمشق للمغتربين تأكيداً لإيمانها بالحوار والتفاعل بين الحضارات التي لا يمكن أن تتصارع, لأن الصراع, وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد (لا يكون بين حضارة وأخرى.. بل بين الحضارة واللاحضارة, بين الأخلاق وانعدامها كما هو بين الخير والشر).‏

تلك كانت ومضات من رسالة سورية الحضارية وموقفها الإنساني الذي كان على الدوام يؤمن بالحوار أداة وبالتفاعل وسيلة, وإن الأمم والشعوب قادرة على صياغة أدواتها ووسائلها التي تؤمن لها لغة التعبير الضرورية للمساهمة في بناء الحضارة الإنسانية.‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30397
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية