بهذه الكلمات التي تختزن كل مفاهيم القوة الوطنية والايمان بوحدة الشعبين الشقيقين في سورية ولبنان اختزل السيد الرئيس بشار الأسد التعبير عن عمق العلاقة التي تربط البلدين, العصية على الأخذ بفضل التلاحم التاريخي والتضحيات المشتركة التي قدماها في مراحل مختلفة بمواجهة التحديات .
وبهذه الرؤية المفعمة بالوطنية وروح الأخوة والحرص القومي على مصالح الأمة والبلدين اختتم الرئيس الأسد حديثه أمام المغتربين في الموضوع اللبناني وما يتعلق منه بالقرار 1559 الذي جرى تغليفه بالأقنعة ودعاوى الحرص على لبنان,فيما ينطوي حقيقة على غايات خطيرة تستهدف العلاقة السورية- اللبنانية, وتدويل وضع لبنان الداخلي ومحاولة إعادته الى أجواء الحرب والاقتتال , لإضعاف لبنان القوي بمقاومته وبعلاقته الاستراتيجية مع سورية .
إن الإيمان بقوة التاريخ والجغرافيا تمثل ذروة العقيدة الوطنية لارتباطها العضوي الوثيق بما يختزنه الشعب الواحد من قوة ذاتية أثبتت التجربة ووقائع التاريخ القديم والمعاصر استحالة قهرها وكسرها, كما أثبتت تجارب الماضي قدرتها على التصدي لقوة السلاح والمؤامرة , وتحقيق النصر المؤكد.
هذا من جانب , ومن جانب آخر, فقد أثبتت الوقائع أن إيمان الشعب بعوامل التاريخ ووحدة الجغرافيا من شأنه أن يسقط أي حالة استقواء بالخارج , ذلك أن هذا الاستقواء يحمل في داخله عوامل السقوط والانهيار الذاتي عند أول امتحان يتعرض له وبعيدا عن المواجهة المباشرة, بل وربما فقط لدى ملامسة المصالح المشبوهة التي دفعت لقيام علاقة من هذا النوع لا يمكن وصفها إلا بالنشاز والآنية, ولا يمكن وضعها إلا في إطار عدم النضوج والعجز عن فهم دروس الوطنية والتاريخ .
وفي موضوعة الاستقواء بالخارج وبعيدا عن تخوين الآخر, فإن دروس الماضي القريب ولا سيما دروس المقاومة الوطنية اللبنانية في الجنوب, وخروج بعض اللبنانيين عن الإجماع الوطني, نقول هذه الدروس التي لاتزال حاضرة في الأذهان تقدم دليلا قاطعا على حتمية السقوط والهزيمة لكل المراهنين على الخارج, ولكل الخارجين عن الخط الوطني الذي يحظى بإجماع ومباركة الشعب والتزامه به.
فلينظر مراهنو اليوم الذين يفاخرون بعلاقتهم مع بعض القوى الخارجية الى أين وصل عملاء الأمس, وأي ورقة محروقة أو مرمية في سلة مهملات الوطن والعدو باتوا يمثلون في نظر الجميع?!
القرار 1559 , لاعلاقة له بالمطلق بموضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان, وهو عندما يتحدث عن تفكيك سلاح المقاومة وبسط سلطة الدولة- وهي موجودة - على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة , فإن ثمة رائحة تزكم الأنوف تفوح منه, لطالما شكلت المقاومة اللبنانية أحد أهم محاور العمل الوطني وأحد عناصر قوة لبنان في مواجهة الاحتلال واستحقاقات المرحلة .
إن سورية الحريصة على لبنان قوي, لها كل المصلحة باستمرار امتلاكه كل عناصر قوته, ولن تحيد عن إيمانها بقوة التاريخ والجغرافيا التي تجمعها معه والتي تعزز قوة البلدين في السلم والحرب, لأن قوة كل منهما قوة للآخر وضعف أحدهما ضعف وضرر للثاني, وستواصل سورية ولبنان بقوة هذه العقيدة التي يؤمن شعبا البلدين بها- وبالرغم من كل الظروف -الاضطلاع بمسؤولياتهما التاريخية الوطنية والقومية تجاه بعضهما البعض .