وبالرغم من الحديث الكثير عن إجراء تعديل أو تغيير حكومي, لكن الحديث تراجعت حدته أمام التحديات والضغوط الخارجية, حتى أن البعض يوم التعديل أفاد بتراجع فكرة التغيير في مواجهة الاستحقاقات, ولكن الحقيقة على الأرض عارضت تلك الأفكار, لتثبت أن الاهتمامات الداخلية تبقى العمل الراسخ الذي يؤسس لعمل الدولة في مهماتها كافة, بحيث لا يتم خلط الأوراق, وبالتالي تأخير أو إعاقة مشروع الإصلاح الإداري والاقتصادي بذريعة وجود تحديات خارجية تمثل الأولوية بالنسبة للقيادة الوطنية.
والملاحظ أن التغييرات شملت وزارات ذات اهتمامات محلية في جانب كبير من مهماتها, ويقف القضاء والاقتصاد والصناعة والصحة في مقدمتها, باعتبارها من أهم الوزارات ذات العلاقة بالإصلاح الاقتصادي إضافة إلى وزارات الشؤون الاجتماعية والأوقاف والداخلية والإعلام الأكثر ارتباطاً بالإصلاح الإداري.
والتحديد بهذا الوجه ليس دقيقاً نظراً لتلازم الإصلاح الإداري والاقتصادي, لكن التعديل جاء مؤشراً للدلالة على أهمية هذه الوزارات في تطبيق المشروع المطروح منذ أربعة أعوام ودون أن يأخذ مسلكاً مؤكد النتائج.
ومن المؤكد أن الرئيس الأسد يريد للإعلام دوراً محورياً في ممارسة الرقابة والمتابعة لأدوار وعمل ونشاطات المؤسسات الوطنية كافة, من خلال تأكيده على ضرورة فتح الأبواب أمام المهمات الإعلامية, وتمكين الصحفيين من القيام بعملهم دون إعاقات من خلال تقديم المعلومات الصحيحة لهم وعدم حجبها, كما اعتاد كثير من كبار المسؤولين على حصر التصريحات وتقديم المعلومات بأنفسهم, إصدار التعاميم والتعليمات التي تحظر على أي موظف أو مدير التعامل مع الصحافة أو تقديم معلومات لها..
وتبرز مع هذا التعديل أهمية إمساك الصحفيين باللحظة التاريخية التي تؤهلهم للعب دور فاعل في دفع مشروع الإصلاح الإداري والاقتصادي المنشود نحو التحقيق وتأمين نجاحه دون خوف أو خشية من سطوة لمدعٍ اعتاد التلويح بالحصانة, والاحتفاظ بالكثير من المعلومات بذريعة الحفاظ على تنفيذ الخطط الحكومية المنوطة بالمؤسسة التي تناط به إدارتها...
ويدرك الصحفيون أن قدرتهم على التحرك ارتبطت على الدوام بحجم المخاطر والمغامرات التي كانوا يقدمون عليها, لكنهم غدوا الآن مسلحين بتأييد وتكليف من قائد الوطن يطالبهم بأداء دور تاريخي يستطيعون خلاله إثبات قدرتهم على كشف مواطن الخلل ومتابعة الفاسدين والمفسدين, تاركين للجهات التنفيذية المختلفة مهمة المتابعة الفعلية, لتحقيق الأهداف المنشودة, عبر آليات صحيحة تعتمد الكفاءة والمنطق والخبرة والمصلحة الوطنية كأسس ومعايير لتطبيق الخطط الموضوعة.
ومن هنا يصبح تغيير قانون المطبوعات مطلباً وطنياً ملحاً لارتباطه المباشر بعملية الإصلاح والتنمية.
ويبقى التعديل الحكومي إجراءً حيوياً يعكس قدرة وحيوية القيادة على الاستجابة للمتطلبات الوطنية, بما يؤدي إلى تحسين الأوضاع المعاشية للمواطنين, ورفع مستوى الأداء الاقتصادي والاجتماعي.