بل وكانت النظرة شبه عدائية من بعض أصحاب المكتبات الذين رأوا في الكتاب الالكتروني منافسا للكتاب الورقي, ولاسيما أن ثمن الكتاب الالكتروني لايتجاوز واحد بالمائة من ثمن الكتاب الورقي بل أقل من ذلك بكثير بالنسبة للموسوعات, ولم تكن نظرة بعض القراء الذين عشقوا الورق أقل توجسا وخيفة من أصحاب المكتبات ودور النشر.
والآن بعد أن أصبحت المنافسة بين الكتاب والقرص على محك التجربة, تنفس أنصار الورق الصعداء, فقد تبين أن المنافسة بين الورق والحاسوب تكاد أن تكون معدومة, بل تم تجاوز التسمية فلايقال كتاب ورقي أو الكتروني, فالكتاب بقي محافظا على اسمه وشكله, وبقي الاسم الآخر قرصا, والمدمن على القراءة لم يلجأ إلى الحاسوب الذي يحتاج إلى جلسة خاصة, وحتى الباحث الأكاديمي لم يستغن عن الكتاب الورقي الذي يعتبر من الناحية العلمية عمدة أساسية في البحث, واستخدام الحاسوب في البحث لايتعدى الحصول على مؤشرات مساندة.
وماتزال وزارة الثقافة ودور النشر الكبيرة والصغيرة مستمرة في طباعة الكتب بمختلف أنواعها وما تزال معارض الكتب العامة والمتخصصة تقام هنا وهناك.
كل هذه مؤشرات تؤكد استمرار الكتاب ممثلا حالة راقية وحضارية عند إنساننا, وأن كل المخاوف من القادم الالكتروني لم تكن في محلها, وثبتت إمكانية التعايش بين التقنيات الحديثة والأدوات التقليدية للمعرفة, بل إن هذا التعايش مهم وضروري في سعينا نحو الارتقاء المعرفي والتواصل الحضاري.