تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الأحد 11/7/2004
محمد علي بوظة
أخيراً أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيها الاستشاري والقانوني المنتظر, والقاضي بعدم شرعية بناء جدار الفصل العنصري المقام من قبل إسرائيل, والذي يصادر 58% من أراضي الضفة الغربية ويقطع أوصالها, ويتسبب بعزل 79 تجمعاً سكنياً وتشريد أكثر من مائتي ألف فلسطيني آخرين, محولاً الأرض المحتلة إلى سجن ومعتقل كبير.

ودعت المحكمة في قرار تاريخي اتخذته بإجماع 14 صوتاً وعارضت الولايات المتحدة منفردة, دول العالم إلى عدم الاعتراف بالإجراء الصهيوني والتصدي له, باعتباره يشكل مخالفة صريحة للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف, وانتهاكاً لحقوق الفلسطينيين على أرضهم التي تحتلها إسرائيل, مطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن باستخدام كل وسائل الضغط لوقف بناء هذا الجدار بصورة فورية وإزالته.‏

هذا القرار على أهميته وما يمثله من انتصار للشعب الفلسطيني, الذي يعاني العسف والقهر والاستلاب والحصار والتجويع والإبادة المنظمة, وانتصار لقضيته الوطنية العادلة, وتطويق وإسقاط لمنطق الاحتلال والأمر الواقع, فإنه بحيثياته وفي الظروف والأجواء التي أحاطت باتخاذه يمثل ضربة قوية وصفعة للسياستين الأميركية والصهيونية, وتعميقاً للمأزق الذي تواجهانه معاً في هذه المنطقة وأنحاء كثيرة من العالم, بواقع نهج وعربدة العدوان والتطاول على حقوق الشعوب وحرياتها, ومحاولة جادة للتصويف والإمساك بزمام الأوضاع الإقليمية والدولية المنفلتة والمتفجرة, والعودة بها إلى أحضان ومظلة الشرعية الدولية ومؤسساتها.‏

وإذا كانت السلبية المطلقة وردود الفعل الهستيرية الموغلة في التحدي وإشهار الرفض التي قوبل بها القرار من جانب واشنطن وتل أبيب والمواكبة بل والمسبوقة بإجراءات تصعيدية لحرب الإبادة والإلغاء والتصفية الدموية في مناطق الضفة والقطاع, هي التعبير عن هذا المأزق وأحد وجوه الفشل الذريع, لدبلوماسية الترهيب والتدجين والإركاع والضغوط ومحاولات الالتفاف والبحث عن مخارج لها, قد يكون الفيتو مجدداً الملجأ والسلاح والورقة المنوي استخدامها لاحقاً في مجلس الأمن, لمنع الأمور من التفاقم والتدهور أكثر ومجابهة الممانعة الدولية الحازمة الآخذة بلا شرعية الجدار وأي إجراء آخر يغير من طبيعة وديمغرافية الأرض الواقعة تحت الاحتلال, فإن ذلك يجب ألا يقلل من أهمية ما جرى ويحجب حقيقة أن العالم قد قال دون خوف, وعبر محكمة لاهاي وردود فعل دوله المرحبة كلمة الحق صريحة واضحة, وقدمت مؤسساته الشرعية إثبات أهليتها في أن تكون الملجأ والمكان المناسب والصحيح, والمرجعية وصاحبة الاختصاص المخولة بالأحكام وإطلاق وتطبيق الأحكام العادلة, التي تصون السلام وتحفظ للشعوب حقوقها وحريتها وكرامتها وسيادتها على أوطانها.‏

ولسنا هنا في وارد الغوص في مسألة نعرف في الأساس أنها محسومة لمصلحة الشعب الفلسطيني, وغير قابلة للجدل على اعتبار أنه صاحب الأرض والحق, وما يمارس ضده من حرب إبادة وتدمير وتهجير ومصادرة وتهويد, إنما تمارسه قوة محتلة غاصبة لا شرعية قانونية لها ولإجراءاتها, بل في صدد التشديد على جعل قرار محكمة العدل كما سائر قرارات الشرعية الدولية الأخرى المتصلة بالصراع العربي, الصهيوني والقضية الفلسطينية ملزمة لإسرائيل ونافذة, كسراً للحالة الاستثنائية الشاذة الفجة والصارخة التي لا تزال تجسدها تحت مظلة الدعم الأميركي, ووجوب الإفادة القصوى من الموقف الإيجابي والتحول الكبير في الساحة الدولية, وتفعيله وتحويله باتجاهات ضاغطة تصوب عمل وأداء المنظمة الدولية ودورها وتحمل المؤسسة العسكرية الصهيونية والقوى التي تدعمها على التسليم بالحق العربي كاملاً والقبول بالسلام العادل والشامل..‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30395
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30399
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30399
القراءات: 30388
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية