إما أن واضعيها يتمتعون بغباء أكيد, وإما أن ثمة ما يخبئونه لنا, ويتصف بخطورة تتفوق على الأحداث الجسام التي نعيشها اليوم.
وفي الحالتين.. في حالة الغباء السياسي, أو في حالة الخطط الفظيعة التي توضع لنا, تقف المنطقة أمام مجاهيل تتجاوز في خطورتها كل ما عرفته خلال تاريخها, بما في ذلك غزو المغول والتتار.. فهؤلاء جاؤونا في إطار حركة غزو شملت بقاعا كثيرة من العالم, ولم يأتوا وفي جعبتهم مشروع للاستيطان والاحتلال لا نهاية له.
ونحن أمام ذلك, وبفضل إدارات الدول العربية والإسلامية نبدو -على الأغلب- شهودا على الواقع لا أكثر?! وإذا كان ثمة رد فعل فهو منحاز إلى درجة استعداد كثيرين في المنطقة للشماتة لا أكثر.. وكثير من الدول العربية والإسلامية, ترى من خلاف محلي على شأن صغير, ما هو أهم بكثير وأرفع شأنا من الفك المفترس الذي يبتلع شرقنا دون رحمة, إما بغباء وإما استجابة لخطط جهنمية, ولن ينفعنا كثيرا وضع الرأس في الرمال.
إن السياسة الأمريكية التي هي اليوم دون شك المحدد الاساسي لمعالم السياسة العالمية, تصنّع أبطالا للمنطقة, كي نقرأ واقعنا من خلالهم.. ونختار إما أولئك الأبطال المصنعون أمريكيا وإما أمريكا نفسها.. وضمنها إسرائيل بلا حدود?!. وما يجري يفوق في إعجازه, آية أن تتحقق الحكايا التي كنا نسمعها عن الطوفان, وقيادة الصهيونية, وحفنات تتعامل معها للعالم.
هل رأيتم صدام حسين في المحكمة..?!
هل رأيتم ما يجري في العراق..?!
يستطيع صدام حسين, أن يقارن.. ويستطيع محاموه, أن يتحدثوا طويلا للمقارنة بين واقع كان وواقع قائم.. بحيث تفتقد الحالة أي مبرر للحرب.. ومهما كذب الطاغية حول طغيانه, هل سيتفوق على كذبة أسلحة الدمار الشامل مثلا?! أو كذبة علاقته بالقاعدة?! أو كذبة الحرب على الإرهاب كلها بما فيها تصنيع البطل الآخر الإرهابي (أسامة بن لادن)?!
هل نسي الساسة في أمريكا.. أنهم يحاكمون صدام حسين ويطاردون أسامة بن لادن, في حين أن الطاغية بطل الإرهاب الأفظع والأكبر (إسرائيل) وهو أيضا صناعة أمريكية, يتلقى كل الدعم ليستمر في طغيانه وإجرامه وقتله وتدميره.. أم يظنونا بلا أحاسيس.. أم أنهم يعدون لما هو أدهى?!
المشهد مرعب والنفق تنفخ فيه الرياح الشديدة, مهددة الشموع التي تحملها أىد مؤمنة في هذه المنطقة..
لكن..
لابد من أن تستمر الخطا, فهي على الأقل تحدث وقعا آخر في هذا الصخب المرعب.. تنصت لها العقول, علّ وقع الخطا يشتد أو صخب الرعب يخبو.. وللتفاؤل نذكر أن ما من حالة استمرت إلى الأبد, ولا أمة قويت إلى الأبد ولا أمة ضعفت إلى الأبد.. نتفاءل ونحن ننصت وقع الخطا, من دمشق إلى العالم قادما اليوم من طهران.