وتجيء زيارة السيد الرئيس بشار الأسد الى طهران ومباحثاته الهامة التي يجريها في لقاء قمة غير عادي ووسط ظروف دولية وإقليمية غير عادية مع الرئيس الايراني محمد خاتمي ,لتشكل خطوة إضافية مهمة في إطار التحرك السياسي المميز والمكثف الذي يقوم به الرئيس الأسد باتجاه الأشقاء في الدول العربية والإسلامية ,والأصدقاء في القارتين الأوروبية والآسيوية من جهة, واستكمالاً للمباحثات التي يجريها الرئيسان الأسد وخاتمي والمسؤولون في سورية وإيران دون انقطاع بشأن الأوضاع العامة والراهنة ولاسيما في فلسطين والعراق من الجهة الأخرى .
وإذا كان اللقاء الحالي في طهران الذي يهدف الى تقوية مواقف البلدين وتصليب الموقف العربي والإسلامي في مواجهة سياسات الهيمنة والإملاء, وقد وصف بالهام من قبل المحللين والمراقبين فور الإعلان عن الزيارة, فذلك لأن المنطقة تمر بمرحلة دقيقة وتحيط بها ظروف دولية وإقليمية بالغة الحساسية والتعقيد سواء لجهة الأوضاع المتفجرة في فلسطين والعراق , أم لجهة إبقاء الإدارة الأميركية دول المنطقة ضمن دائرة الاستهداف والضغط رغم الفشل الكبير الذي منيت به في العراق , وعلى الرغم من إخفاق جميع مقارباتها الأمنية التي تطرحها كحلول بديلة - مرفوضة - عن عملية السلام لحل القضية الفلسطينية خصوصا ومشكلات المنطقة عموماً .
فمما لاشك فيه أن السياسة الأميركية الخاطئة التي تستنزف كل يوم في العراق وفلسطين تدفع بالظروف الدولية والإقليمية نحو مزيد من التعقيد , وبالتالي تدفع بالأوضاع المتفجرة بالمنطقة نحو مزيد من التدهور , وهو الأمر الذي يتطلب من الدول العربية والإسلامية في المقام الأول تسجيل تحرك سياسي فاعل يمكنها من مواجهة التحديات الماثلة واستحقاقات المرحلة الراهنة و المستقبلية ومجابهة الأخطار التي تتعرض لها وتحيق بالجميع, كما تستدعي من القوى الدولية الفاعلة والمحبة للسلام اتخاذ مواقف أكثر وضوحا وحزما تجاه سياسات الإدارة الأميركية والحكومة الاسرائيلية وبما يوفر الحماية لمبادىء الأمم المتحدة ومواثيقها ويمنع تهديد مسيرة السلام والأمن العالمي .
تأسيساً على ذلك , فإن قمة الرئيسين الأسد وخاتمي بما تنطوي عليه من مضامين سياسية ومدلولات استراتيجية عميقة تندرج في سياق تحركات ولقاءات الرئيس الأسد المؤثرة والفاعلة مع الزعماء والقادة الأشقاء والأصدقاء, والتي حرص سيادته على مواصلتها بهدف تقوية وتحصين الموقف العربي وتوفير العوامل التي تمكنه من التصدي لحملات الضغط والابتزاز والتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية والقومية .
وان زيارة الرئيس الأسد الى ايران الدولة الإسلامية الجار والصديق الذي يقع ضمن دائرة الاستهدافات الأميركية, هي خطوة هامة بكل المقاييس ستتمخض عن نتائج تصب في خدمة مصالح وقضايا الأمة وعلاقات البلدين الاستراتيجية الوطيدة , وتضيف المزيد من القوة والثقة الى رصيد علاقاتهما في مواجهة تحديات واستحقاقات المرحلة , وفي تعزيز وترسيخ وتثمير العلاقات والاتفاقات المبرمة بين الجانبين .