إلى جانب دول الجوار وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة يمثل فرصة لإعادة تأكيد الإجماع الدولي لجهة رفض الاحتلال ومبدأ التدخل العسكري دون تفويض من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
كما يشكل المؤتمر فرصة لتوجيه رسائل محددة واضحة للشعب العراقي والولايات المتحدة الأميركية, ويأتي في مقدمة ذلك تأكيد الأطراف المشاركة على الالتزام بمساعدة الشعب العراقي للخروج من محنته, وتمكينه من إدارة شؤونه بنفسه واستعادته الاستقلال والسيادة وبما يحفظ وحدة وسلامة أراضي العراق.
وإذا كان من رسالة يمكن توجيهها إلى الولايات المتحدة, فإن قول الرئيس الفرنسي جاك شيراك في أحد تصريحاته مؤخرا: إن الوضع العراقي ساهم في جعل العالم أقل أمنا وأكثر خطورة, ما يلامس حقيقة أن الاحتلال الأميركي لم ينجح إلا في إدخال العراق بالفوضى والاضطراب والبطالة وتفكيك أوصال الدولة, وجعل أوضاع المنطقة مفتوحة على احتمالات خطيرة تهدد السلام والأمن والاستقرار فيها.
وبالتالي, فإن ما عادت وكررته فرنسا إلى جانب المكسيك من أن حل مشكلات العراق يجب أن يتقدم على أي عمل سياسي يصيب كبد الحقيقة, ذلك أنه لا بد من أن يكون مؤتمر شرم الشيخ مفتوحا على جميع المسائل وفي مقدمتها التأكيد على انسحاب القوات الأجنبية من العراق وفق جدول زمني محدد وواضح وفق ما ينص عليه القرار رقم 1546 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في حزيران ,2003 ولا بد أيضا من التذكير بالصفة المؤقتة لوجود قوات الاحتلال في العراق, الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات هي برسم الإجابة, ويجيىء التساؤل عن مبررات إنشاء القوات الأميركية 14 قاعدة عسكرية بالعراق في مقدمة هذه التساؤلات.
إن الأمم المتحدة رفضت الحرب على العراق واعتبرتها غير شرعية- وضمنا الأسرة الدولية ودول الجوار- واذا كان لا بد للأطراف المجتمعة في شرم الشيخ من التعامل مع الأمر الواقع, فإن ذلك لا يعني تجاهل الحقائق القائمة على الأرض, وربما يشكل اجتماع هذه الأطراف الدولية أفضل فرصة لتأكيد دور الأمم المتحدة ودول الجوار العراقي, وضرورة إنهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن, وقيام المنظمة الدولية بالإشراف على الانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في كانون الثاني القادم لضمان نزاهتها وشمولها جميع الأراضي العراقية وليس 75% منها كما يروج الأميركيون بحجة عدم توفر الأمن في المناطق التي تشهد أعمال مقاومة ضد العمليات العسكرية الأميركية التي تحرق الأخضر واليابس, ولا سيما في الفلوجة والرمادي والموصل وسامراء حيث تجري عمليات قتل جماعي للعراقيين وتدمير منهجي لهذه المدن.
وإن ما تؤكد عليه دول الجوار من التزام واستعداد لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لإنقاذ الشعب العراقي والحفاظ على وحدة أراضيه واستعادة السيادة, يتقاطع مع إعلان الأمم المتحدة والعديد من الدول المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ لجهة الرغبة بالخروج بقرارات تنسجم مع تطلعات الشعب العراقي, فهل تستجيب واشنطن لدعوة المستشار الألماني غيرهارد شرويدر وتستخلص العبر مما يجري في العراق, وبالتالي تلتقي مع الأسرة الدولية وجامعة الدول العربية ودول الجوار?!.