وزيارة العمل التي قام بها السيد الرئيس إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية, والمحادثات التي أجراها مع الرئيس سيد محمد خاتمي ومرشد الثورة علي خامنئي وكبار المسؤولين الإيرانيين, بعد زيارتين ناجحتين إلى كل من جمهورية الصين الشعبية وإسبانيا, جزء من استراتيجية سورية الآخذة بمبدأ الحوار وإرساء علاقات متطورة ومتقدمة مع العالم وبخاصة دول الجوار, تقوم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة وتوسيع دائرة الأصدقاء والتفهم والتأييد للقضايا العربية العادلة في العمل من أجل تحرير الأرض والمقدسات, وتحقيق السلام العادل والشامل المستند إلى مرجعية مدريد وقرارات الشرعية الدولية.
لقد شكلت الزيارة والمباحثات في طهران والتي تناولت قضايا ومسائل في غاية الحساسية والخطورة في مقدمتها الأوضاع المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, الناجمة عن عدوانية إسرائيل وعربدتها الدموية, وكذلك الوضع الملتهب في الساحة العراقية وحالة الفوضى وانعدام الأمن, المتأتية عن غزو واجتياح أراضيه وتوضع الاحتلال, وتشكل في العمق مساهمة سورية- إيرانية في احتواء ومحاصرة النيران ومنعها من التمدد والتوسع خارج الحدود, وأسست وينتظر لها أن تؤسس لمزيد من التعاون في المجالات والميادين المختلفة, بما يعزز صمود البلدين في وجه الاستهدافات الخارجية, ويدعم البلد العراقي الشقيق في مسيرته لاستعادة الحرية والسيادة الكاملة والحفاظ على وحدة الأرض والشعب.
لقد مثل التعاون السوري- الإيراني نموذجاً رائداً في العلاقات بين الدول, وأوجد إلى حد ما معادلاً موضوعياً ونوعاً من التوازن في مواجهة محاولات الاستضعاف والاستهداف, واندفاعة الهجمة الصهيونية- الأميركية الشرسة في اتجاه المنطقة, وإخضاعها والسيطرة على مقدراتها وثرواتها واستخدامها رأس جسر للعبور ومصدر تهديد وابتزاز للجوار الإقليمي وللعالم, وأثبت هذا التعاون الاستراتيجي الذي أرسى أسسه القائد الخالد حافظ الأسد ومرشد الثورة الإسلامية آية الله الخميني في جميع الأوقات أهليته وفاعليته وقدرته على تجاوز الصعاب, وتجنيب الأمتين العربية والإسلامية الكثير من المزالق والمطبات والأفخاخ, وفي أن يجسد العمق والسند الذي يرفد النضال التحرري بمقومات الدعم ومستلزمات الصمود, ويبقي فلسطين القضية المركزية حية في الذاكرة وأولوية تستقطب اهتمام العرب والمسلمين ونضالهم..
وإذ ترنو الأبصار مرة أخرى إلى طهران وتترقب مفاعيل زيارة الرئيس الأسد ونتائجها الإيجابية على الصعد المختلفة,فلأن هذه الأمة التي اعتادت أن ترى في دمشق صوتها وسيفها وقلبها النابض, تؤمن أن أي تحرك أو لقاء أو اتصال تجريه القيادة السورية وفي أي مكان إنما يتوخى المصلحة القومية العليا ويصب في خانة تعزيز وتحصين ساحتها, ورفد معاركها بقوة إضافية تكسبها المزيد من القدرة على التعاطي مع مقتضيات المرحلة ومواجهة الاستحقاقات وحسم معاركها بنجاح وفرض معادلة السلام, سلام الأقوياء الضامن لعودة الأرض والحق.