وانطلاقا من ذلك فإن مهمة محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يزور إسرائيل اليوم لإثارة مسألة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة التدميرية, يجب أن تتخطى الصبغة الإعلامية لمواقف الوكالة من أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية والتي تمثلت طوال السنوات الماضية بمطالبة إسرائىل الخجولة بفتح منشآتها النووية أمام المفتشين الدوليين دون اتخاذ أية إجراءات أخرى بمواجهة الرفض الإسرائىلي لهذه المطالب.
زيارة البرادعي الى إسرائىل مهمة في هذه المرحلة بالتحديد لسببين جوهريين, الأول مرتبط بموقف الوكالة ومصداقيتها إزاء المساعي والجهود التي تبذلها للحد من انتشار هذه الأسلحة, والثاني يتعلق بالموقف الإسرائيلي ومدى استجابته لدعوة البرادعي بإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل والموقف الدولي وخاصة الأوروبي والأميركي إزاء الرفض الإسرائىلي المتوقع لهذه الدعوة التي تجمع عليها دول المنطقة كافة.
والتأييد الذي يحظى به المشروع السوري لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الاسرائىلية, لا يترك مجالا أمام المجتمع الدولي وبالتحديد الاتحاد الأوروبي وأميركا لغض النظر عن السلاح النووي الإسرائيلي تحت أي حجج أو مزاعم.
تحرك الوكالة الدولية بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وبدء جولة البرادعي من إسرائيل له دلالاته, فالكرة في الملعب الإسرائيلي, ونجاح هذا التحرك مرهون بمدى استجابة إسرائىل للرغبة الدولية بالتخلص من أسلحة الدمار والسياسة القائمة على العدوان والاحتلال, والتهاون أو الاستمرار بمهادنة إسرائيل في هذا الشأن تحت أي ضغط كان, أو أي اعتبارات سياسية وأمنية كفيل بنسف هذا الجهد, ومن هنا تأتي أهمية المواقف التي سيتخذها البرادعي تجاه التعنت الإسرائىلي حول هذا الموضوع, لا سيما وأن المصداقية الدولية لا تزال موضع رهان بالنظر الى التعامل السابق القائم على الازدواجية في معالجة هذه المسألة الخطيرة على الأمن والسلم الدوليين.
المعروف عن البرادعي صراحته في التعبير عن مواقفه, والمفترض بعد تكشَّف الأسرار النووية الإسرائيلية وبدء ظهور معالم الإشعاعات النووية وتأثيرها على البيئة والانسان في محيط مفاعل ديمونة, أن يضع النقاط على الحروف في أولوية نزع أسلحة الدمار الإسرائيلية كخطوة أساسية لإخلاء المنطقة منها.