تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 21/9/2004
أحمد ضوا
لم يكن تعاطي الولايات المتحدة مع تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول الغزو الأنكلو- أميركي للعراق والتي أكد فيها عدم شرعية وقانونية هذا الغزو, مختلفاً عن تعاملها المتغطرس مع الشرعية الدولية ومجلس الأمن قبل الغزو.

فجاء رد الخارجية الأميركية على هذه التصريحات, والذي رأى بعدم جدوى الحديث في هذا الموضوع متوافقاً نصاً وروحاً مع موقفها الحازم لشن هذه الحرب إزاء الدول التي عارضتها داخل مجلس الأمن وخارجه سواء وافقت الشرعية الدولية أم لم توافق.‏

فأميركا ورغم المأزق الذي تعاني منه في العراق جراء غياب الأمن لا تزال تتعامل مع الشرعية الدولية وكأنها أداة لخدمة السياسة الأميركية, ولا يمكن فهم رد الخارجية الأميركية المتغطرس على أنان, والذي حدد له ما يجب عليه فعله وقوله أو التغاضي عنه في هذا الشأن إلا في هذا السياق.‏

فالإدارة الأميركية تريد للشرعية الدولية أن تكون شاهد زور على سياستها الدولية التي فاقمت إلى حدود خطيرة الأوضاع في العديد من مناطق العالم إلى درجة تهدد الأمن والاستقرار الدوليين, وانطلاقاً من استراتيجيتها هذه لا يستبعد في القريب العاجل أن تطلب من أنان وغيره من المسؤولين العاملين في الأمم المتحدة ومؤسساتها تمرير خطاباتهم للخارجية الأميركية, للبت فيها حرصاً على عدم الخلط بين ما تريده الولايات المتحدة من جهة والمجتمع الدولي من جانب آخر.‏

للأسف ما حاولت الخارجية الأميركية التركيز عليه في ردها على أنان لا نجد منه شيئاً على أرض الواقع في العراق, فالديمقراطية التي تريد تطبيقها بالقوة في هذا البلد لا يريدها شعبه, والأمن والرخاء الاقتصادي الذي وعدت به الشعب العراقي لا يبدو ممكنا تحقيقه في المديين القريب والمتوسط, والوضع يزداد تعقيدا وليس أدل على ذلك من ازدياد الخسائر الأميركية في الأرواح والمعدات يوماً بعد آخر.‏

الرد الأميركي على أنان الذي تأخر في قول الحقيقة التي يعلمها الجميع لا ينسجم إطلاقاً مع التوجهات الأميركية لإعطاء الأمم المتحدة دوراً سياسياً في العراق, إلا إذا كانت هذه التوجهات تندرج في إطار الاستهلاك الإعلامي وبهدف التغطية على الخطوات الأميركية لمستقبل العراق السياسي.‏

وأيضاً هذا الرد لا يتوافق مع تصريحات أخيرة للرئيس الأميركي جورج بوش حول رغبة بلاده بدعم دور الأمم المتحدة على الصعيد الدولي, وهو مثار للتشكيك بصدقية أميركا مع الشرعية الدولية.‏

لقد كان الأجدر بالإدارة الأميركية أن تقبل بما قاله أنان,ولاسيما في ظل عدم العثور على أسلحة دمار شامل وكون التوصيف الذي أطلقه مجلس الأمن للوجود الأنكلو- أميركي في العراق (الاحتلال) غير شرعي وقانوني ومخالف لميثاق الأمم المتحدة, فكان من شأن هذا القبول إعادة هذا الملف الخطير إلى الشرعية الدولية وما يمكن أن يحققه ذلك على صعيد تفادي المزيد من الغرق في المستنقع العراقي.‏

اعتراف أنان بعدم شرعية وقانونية الحرب شهادة من المفترض ألا تمر مرور الكرام, فعلى المجتمع الدولي الذي تحرك لمحاسبة دول ورؤساء على أحداث غير قانونية أو شرعية مضى عليها سنوات أن يفعل الشيء ذاته إزاء المسؤولين عن غزو العراق وتدميره.‏

 

 أحمد ضوا
أحمد ضوا

القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30394
القراءات: 30392
القراءات: 30394
القراءات: 30392
القراءات: 30396
القراءات: 30394
القراءات: 30395
القراءات: 30393
القراءات: 30389
القراءات: 30393
القراءات: 30398
القراءات: 30389
القراءات: 30397
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30394
القراءات: 30395
القراءات: 30394
القراءات: 30397
القراءات: 30392
القراءات: 30396
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30395
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30399
القراءات: 30396
القراءات: 30387
القراءات: 30396
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30392
القراءات: 30395
القراءات: 30396
القراءات: 30389
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30400
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30395
القراءات: 30391
القراءات: 30394
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30391

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية