تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 5/8/2004
محمد خير الجمالي
قبل أيام أكد خافير سولانا الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تمسك الاتحاد بدوره المفترض في عملية السلام في الشرق الأوسط سواء قبل الاسرائيليون أم رفضوا, مذكراً أن لدول الاتحاد مصالح مهمة في المنطقة .

وبعد هذا التصريح بأيام قليلة قال ميغيل أنخيل موراتينوس (إن أوروبا ستقوم بدور فعال وليس بدور المتفرج على ما يقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة). ‏

وفي تحليل دوافع هذين التصريحين اللذين يتقاطعان حول تأكيد أوروبا لأهمية دورها في عملية السلام انطلاقاً من مصالحها الواسعة في المنطقة بحكم تجاورها معها وتأثرها بطبيعة التطورات التي تحدث فيها سلباً أو إيجاباً , نجد أن كلا التصريحين يشكلان رسالة أوروبية واضحة المضمون لأرئيل شارون وحكومته مفادها أن أوروبا تعرف ماهية دورها في المنطقة, وهي التي تحدد ما يجب وما لا يجب عليها فعله تجسيداً لهذا الدور , وبالتالي لن تنتظر الاذن من إسرائيل كي تمارس واجبها الدولي في إطار الجهود المبذولة من أجل إحياء عملية السلام ووقف حالة الفوضى والتوتر التي تدفع إليها إسرائيل بنتيجة سياستها الرعناء, وتمس المصالح الأوروبية في الصميم . ‏

وكون التصريحين يحملان رسالة بهذا المعنى , فهما يشكلان أيضاً رداً واضحاً من أوروبا على سياسة تهميش دورها لسنوات طويلة من قبل إسرائيل بذريعة أنها تنحاز إلى العرب في مواقفها من قضية الصراع ومسألة البحث عن حلول لها . ‏

ولأن أوروبا خلافاً للدور الأميركي المنحاز إلى جانب إسرائيل , تتمسك بدور موضوعي متوازن يستند الى مرجعيات السلام ويرفض محاكاة الدور الأميركي بمحاباة إسرائيل ,كانت حملات التشكيك الإسرائيلية بهذا الدور وكان الرفض الإسرائيلي الدائم له. ‏

والآن وقد أكدت أوروبا تصميمها على أخذ دورها سواء قبل الإسرائيليون به أم رفضوا,ودونما أن يتخذ هذا الدور موقف التفرج على نحو ما أعلن كل من سولانا وموراتينوس ,فالسؤال هنا هو كيف يمكن لهذا الدور أن يكون عليه,وكيف يفترض أن تكون بدايته..? ‏

إسرائيل تقبل بدور أوروبي شريطة أن يكون امتداداً للدور الأميركي في عدم توازنه ومصداقيته,وكذلك في تبنيه للاملاءات الإسرائيلية وتغطيته على جرائم العدوان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني على نحو ما تفعل السياسة الأميركية بتصوير المقاومة الفلسطينية إرهاباً والإرهاب الإسرائيلي دفاعاً عن النفس ومهندس هذا الإرهاب آرئيل شارون بطل سلام رغم توصيفه مجرم حرب وطلب مقاضاته من قبل القضاء البلجيكي في وقت سابق على أساس هذا التوصيف . ‏

وما دام الأوروبيون اكتشفوا هذه الحقيقة حول ماتطلبه إسرائيل من دور لهم, فمن الطبيعي أن يتخذ الدور الأوروبي منحى يغاير الدور الأميركي في مبناه ومعناه, ويؤكد مصداقية أوروبا في حرصها على سلام عادل شامل يتحقق فقط من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضية الصراع العربي - الإسرائيلي وكل امتداداتها وتفرعاتها على مدار أكثر من نصف قرن من الزمن. ‏

وتستطيع أوروبا أن تفعل ذلك بحكم وزنها الدولي المؤثر في ظل اتحادها, وبحكم موقعها الجغرافي المجاور للمنطقة,وبحكم معرفتها المعمقة بتاريخ الصراع وحقائقه أكثر من الأميركيين بكثير . ‏

أما كيف يمكن لأوروبا أن تبدأ بممارسة دورها , فهذا ما نجد الجواب عنه في ممارسة ما عجزت عنه الإدارات الأميركية المتعاقبة من ضغوط كفيلة بإجبار إسرائيل شارون أو غيره على التخلي عن سياسات المناورة والكذب والنفاق وخلط أوراق الصراع وحقائقه والتمرد على الشرعية الدولية والالتفاف على متطلبات السلام , وتبني سياسة تستجيب لمرجعية السلام وتفي بالالتزامات المطلوبة منها لإقامة سلام العدل والشمول . وهذا لن يتحقق إلا بعزل إسرائيل أوروبياً ومعاقبتها اقتصاديا تطبيقاً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفترض اللجوء إليه ضد كل دولة تشكل تهديدا للسلم الدولي. وإسرائيل بما تقوم به من سياسات عدوانية مكشوفة وتمرد فاضح على الإرادة الدولية تشكل حالة غير مسبوقة في تهديدها للسلم الدولي , الأمر الذي يستوجب عزلها وفرض أشد أشكال الحصار والمقاطعة بحقها إلى أن تقبل بالسلام العادل الشامل خياراً استراتيجياً . ‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30384
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية