فالعدوان الإسرائيلي متواصل وبشراسة ضد شعبنا الفلسطيني بدعم من الولايات المتحدة الأميركية, والوضع الأمني في العراق يزداد تدهوراً وسوءاً مما يضاعف من معاناة العراقيين, وأزمة دارفور وتداعياتها الدولية تضع السودان ووحدته الوطنية والجغرافية والسياسية أمام مفترق طرق خطير مع تعدد جبهات النزاعات على حدوده وداخله.
هذا الواقع المفزع الذي وصلنا إليه يستدعي من الدول العربية التخلي عن حالة التفرج والترقب والانتظار لما يحاك ضد هذه الأمة وما يخطط لها من قبل أعدائها قبل أن تسقط كل الأوراق التي ما زالت بيد العرب لمواجهة التحدي الكبير الذي فرضته علينا بعض القوى الدولية وظروف داخلية تأخرنا عن معالجتها في الوقت المناسب.
فالخطر المحدق بالأمة العربية يهدد الجميع دون استثناء وتداعيات الأحداث في فلسطين والعراق والسودان وامتداداتها, لا أحد بمنأى عن خطرها الدائم, وهو ما يتطلب على الفور موقفاً عربياً جاداً وسريعاً لجمع ما تبقى من مقومات القوة ورص الصفوف قبل فوات الأوان.
فما يحاك علنا ضد العرب لم يعد بالإمكان مواجهته ودرء أخطاره الشكل الذي تقوم به الحكومات العربية وإنما يحتاج الى اجتماع وتوحد للقوى والطاقات الموزعة والمتفرقة في بوتقة واحدة غير قابلة للاختراق أو التفكك والانقسام , والأمة العربية المتميزة بطابعها الحيوي والمتجدد ورغم كل ما تواجهه من مصاعب وتحديات جمة قادرة على إعادة إنتاج عناصر القوة الكفيلة بمنعنا من السقوط الكبير في مستنقع أزمات يصعب علينا في ظل الوضع الدولي الحالي وأطماع الأعداء من تفادي تأثيراتها السلبية على وحدتنا الجيوسياسية والاجتماعية.
وأمام هذا الواقع الصعب تتحمل جميع القوى والطاقات والشرائح مسؤولية البحث عن مخرج للأزمة التي نحن فيها, والنجاح يتوقف علي مدى إدراك واستيعاب حقيقة الأخطار المحدقة بمستقبلنا وتوصيفها بدقة وتسخير الطاقات المتاحة والمعطلة لتلافيها أو الحد قدر الإمكان من أخطارها الجسيمة.
وهذه الأمة التي استطاعت في العصور السابقة تجاوز وتخطي محن وتحديات هائلة لا تقل فداحة عن الحالية بإمكانها أن تنهض من جديد وتستعيد موقعها على الساحة الدولية إذا ما أعادت الاعتبار لوحدة موقفها واستقلالية قرارها.