حتى لو قيل إن ساعة الشرق الأوسط الكبير قد دقت..
حتى لو قيل إن عربا هنا وهناك وهنالك تحولوا إلى عربات أمريكية..
الثابت أن العالم يتدحرج نحو الهاوية. لا أحد في هذه الصحراء يملك حتى صلاحية استخدام يديه, أو حتى صلاحية استعمال الصراخ. يقولون لك إنه القانون الإلهي وكفى..
التقينا وليم كوانت في بيروت. قال لنا إنه يتوقع تدهورا دراماتيكيا في العلاقات الدولية. وهذا المسؤول الأمريكي القديم الذي سبق وأنيطت به مهمات حساسة تتعلق بالشرق الأوسط, اعتبر أن سياسة تصنيع الأشلاء, تحديدا في المنطقة العربية, تؤدي إلى نتيجة واحدة: فتح ثغرات إضافية في حائط الجحيم...
لا يتوقع عودة وشيكة إلى العقل والتعقل, لا بل إنه يعتقد أن العملية الانتخابية الأخيرة والتي أخذت منحى تعبويا خطيرا, إن على المستوى (الأخلاقي) أو على المستوى الايديولوجي. إنما أحدثت طرازا آخر من ديناميكية القوة, حتى وإن أثبتت دبلوماسية القاذفات أنها تستقر, في نهاية المطاف, في منتصف الطريق بين الوحول والحرائق.
قال لنا كوانت: إن أمريكا ستصرخ. قد تحول الضبابية الراهنة, وحيث لغة الأقدام الثقيلة لا الرؤوس الثقيلة, دون إطلاق هذه الصرخة في اللحظة الراهنة, ولكن من المؤكد أن الإيقاع الفلسفي والاستراتيجي للامبراطورية (للامبراطور أيضا) لا يمكن أن يستمر هكذا حتى ولو انحنى الآخرون, بمن في ذلك الأوروبيون, أمام الإعصار..
كوانت الذي يخشى من سيطرة (لاهوت القوة) على العقل الأمريكي, سأل ولكن أين هو ذلك العالم!... سمعنا أيضا من المفكر الفرنسي باسكال بونيفاس الذي كان في بيروت أيضا هذا السؤال: ولكن أين هم أولئك العرب?
شيء ما أكثر من أن يكون فضيحة. إنها الكارثة حين يكون هناك عرب تحت العباءة إياها: سياسات مبرمجة, مواقف مبرمجة, تصريحات مبرمجة وحتى خناجر مبرمجة. كما رأينا... الخناجر العابرة للقارات.
أيها السيد الخجل.. ترجل!
بونيفاس الذي دفع -وبالمطرقة- إلى الظل حين أصدر كتابه: (هل غير مسموح انتقاد سياسة إسرائىل?), وكاد يتهم باللا سامية, قال: إن كرادلة المؤسسة الصناعية العسكرية, وقد ازدادوا هولا, يتعاملون حتى مع الأوروبيين على أنهم مجرد وقود بشري للديناصور..
..حتى ولو كانت للديناصور أجنحة وحط على سطح المريخ, لكنه عجب لذاك الهزال العربي, بل لتلك الازدواجية, بل ولذلك الارتهان الذي يجعل أحدهم -ذلك الأحدهم- يستخدم المنبر الأوروبي للحملة من يتفانى في خدمة ما تبقى من قضايا العرب ومن... العرب.
هل يفترض أن ننتظر الأمريكيين حتى يصرخوا, فيما الخناجر تلعب حتى داخل ارواحنا. مرة أخرى, تسألون أين هو السيد الخجل? يا صاحبي إن السيد الخجل مصاب.. بالخجل!