وللأسف تزامن هذا القصف الإعلامي للشعب الفلسطيني مع تصعيد إسرائيلي أوقع المزيد من الشهداء خلال الأيام القليلة الماضية.
من يتابع هذه السيناريوهات المتشائمة في معظم الأحيان وخاصة تلك التي تتمحور حول إمكانية حدوث فوضى أمنية في الأراضي المحتلة, يعتقد بأن الفلسطينيين كانوا ينتظرون هذه المرحلة للانقضاض على بعضهم البعض, وذلك خلافاً للحقائق على أرض الواقع والتي تؤكد بأن الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة بمختلف ألوانها ,وأطيافها السياسية مدركون لدقة وحساسية المرحلة الحالية وأبعاد الانجرار خلف المصالح الشخصية والفصائلية ويعون بأن أي خلاف أو اقتتال فلسطيني- فلسطيني مهما كان حجمه ومستواه لن تتوانى أو تتأخر إسرائيل عن استغلاله بالشكل الذي يؤدي إلى اتساعه وتفاقمه بما يخدم أهدافها الأمنية والاستراتيجية ,وعلى رأسها ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشكل الأساس الضروري لصمود الشعب الفلسطيني بوجه العدوان الإسرائيلي المتواصل والمحاولات الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
إن تحذير الشعب الفلسطيني وقواه من خطورة المرحلة أمر ضروري ومهم جداً, إذا ما ترافق مع الدعم الذي يسهم في تمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية, ولا يمكن لأحد أن يشكك بصدق الدعوات الموجهة من هنا وهناك للشعب الفلسطيني والمطالبة له باليقظة والحذر الشديدين في هذه الآونة, وبالمقابل من الخطأ الوثوق بمن يقف وراء تلك السيناريوهات التي ترسم صورة مأساوية للشعب الفلسطيني في حال غياب عرفات في ضوء عدم بروز أو وجود أي مؤشرات تدل على إمكانية ابتلاع الشعب الفلسطيني للطعم الإسرائيلي الفاسد والهادف إلى ضرب وحدتهم الوطنية وتماسكهم ومواجهتهم للعدوان.
فالتحذير الذي يطلقه البعض والنابع من الحرص على المكتسبات التي حققها الفلسطينيون طوال السنوات الماضية شيء, ووضع الشعب الفلسطيني أمام خيارات مأساوية ومتشائمة خلافاً لواقعه ومسيرته النضالية أمر آخر يستوجب التعامل معها بروية وهدوء والبحث عن أهدافها ومراميها من جانب الفلسطينيين, ولا سيما أن بعضها يتقاطع بقصد أو دونه مع طروحات إسرائيلية ومحاولات علنية من جانب حكومة شارون لاستمالة بعض الأطراف الفلسطينية بداعي إيجاد قيادة بديلة معتدلة مستعدة للتفاوض مع إسرائيل وتحقيق السلام!.
نقول لهؤلاء رفقاً بالشعب الفلسطيني, فإبداء الحرص عليه لا يمكن تحقيقه على الإطلاق بهذه الأساليب المأساوية والمرعبة, فهذا الشعب الذي استطاع طوال مسيرته النضالية إفشال المخططات الإسرائيلية لدفعه إلى الاحتراب الداخلي, قادر على مواجهة هذه المرحلة وتداعياتها مهما كانت الظروف والتحديات.