حتى تتجاوز في بعض الأحيان, أضعاف المدد المحددة في شروط العقد, ويأتي التبرير للتهرب من دفع الغرامات.
ويعود التلكؤ في استكمال مشاريع القطاع العام, لأسباب عديدة, أبرزها, الخلل في إعداد الأضابير, ودفاتر الشروط, وغياب المتابعة الجدية من قبل جهاز الإشراف, ولعل الأهم, القصور في إعداد الدراسات.
وترنح أداء المشاريع, يعني تغيير أسعار المواد, ففي حال كانت انخفاضاً لا أحد يدافع عن الأموال العامة, أما إن كانت ارتفاعاً, وهذا ما يحصل في الغالب, فتبدأ المعضلات المالية, والتشابكات الإدارية, وغالباً ما تحسم النتيجة لصالح متعهدي القطاع الخاص, وأيضاً لصالح القطاع العام, حيث تقوم شركاته بتنفيذ الجزء الأكبر من الأعمال, عن طريق القطاع الخاص بالعهدة.
إن الحديث عن إنجاز الخطط الاستثمارية ومشاريعها ضمن المدة العقدية , سيبقى في إطار التنظير, إن لم يستند ذلك لأسس موضوعية, تبدأ بتجاوز الإجراءات والقوانين الإدارية والمالية المعيقة لآلية التحرك والمناورة لاجتراح الحلول, واعتماد دفتر شروط موحد, والذي جرى التأكيد على ضرورة وضعه, ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل.
كما أن جهاز الإشراف, لو دقق بموضوعية, خطوات التنفيذ والتقيد بالمواصفات المحددة للمواد المستخدمة ومواعيد الإنجاز لكل مرحلة, لكان جزء مهم مما يصيب المشاريع من خلل تم تجاوزه, ولكن مهندسو الإشراف إما غائبون أو مغيبون من قبل المتعهدين, وتغيبهم قد يكون بشراء الضمائر أو بإجادة عرض العضلات.
ولعل ما ابتلت به المشاريع على اختلاف أنواعها, القصور الذي يطبق على الدراسات فإما أنها طويت في الأدراج لفترة طويلة, وما أن يفرج عنها حتى تصطدم بمعطيات جديدة طرأت على أرض الواقع,أو أنها أعدت على عجل, وقد تكون فصلت على مقاس صاحب القرار, وليس غريباً استبعاد أصحاب الاختصاص والكفاءة بحجة تجاوز متاهات التنظير!
هذه الحالات نجدها في مشاريع محافظة دمشق, فهذا نفق باب شرقي عدلت دراسته بعد إقلاع العمل, حيث تم توسيع مسار النفق بما يسمح باستيعاب التدفق المروري الذي اختلف عما كان عليه الحال وقت إعداد الدراسة, ويعطي مرآب المواصلات, شاهداً حياً على استجابة مديرية الدراسات لرغبات صاحب القرار, دون الاكتراث بالأسس الفنية, ما تسبب بتغيير الدراسة ثلاث مرات, وتوقف العمل لثلاث سنوات, بمشروع ألحق الأذى بالجوار, وشوه مركز المدينة.
كثيرة تلك المشاريع التي جاءت دراستها قاصرة, ولكن محافظة دمشق يبدو أنها حسمت أمرها تجاه توسيع المشاركة بإعداد الدراسات, ووضع الرؤى المستقبلية, للمشاريع الحساسة عبر استفتاء رأي أصحاب الاختصاص والمثقفين.
وتتوضح الانطلاقة بالدعوة لعقد ورشة ضمت نحو 65 متخصصاً محلياً وعربياً وعالمياً, إضافة لمجموعة من المثقفين, اهتمت بوضع رؤى لمستقبل مدينة المعرض القديمة وما يدعم هذه الانطلاقة, أن التوجيه جاء باعتماد ما خلص إليه أصحاب الاختصاص والمثقفين, وتعميم ذلك على كل المشاريع الحساسة مستقبلاً.
وعرض مشروع الحل المروري لمحور المهدي بن بركة, من خلال مسابقة تقدمت لها مجموعة من المكاتب الهندسية, أفسح المجال أمام المحافظة لاختيار الحل الأنسب للمدينة, إضافة للاستفادة من أبرز النقاط في الحلول الأخرى, إنهما خطوتان في الاتجاه الصحيح..فهل تعمم التجربة?