تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاربعاء 10 / 11/2004م
علي محمود جديد
كنت -منذ أيام- على وشك التضامن مع المؤسسة العامة للتجارة الخارجية, لأنها تحتاج إلى قطع أجنبي كثير, لتتمكن من تنفيذ خطتها التي رسمتها من أجل استيراد مواد متعددة نحن بأمس الحاجة إليها, من الأدوية.

إلى الأرز والسكر, إلى الإسمنت والأسمدة.. وغير ذلك الكثير.. ولكن هذه المؤسسة تصطدم دائما بتخصيص قطع أجنبي لها أقل من احتياجات تنفيذ الخطة, ما يقودها أحيانا إلى التأخر بالتنفيذ, فينعكس الأمر على شكل نقص في بعض السلع والمواد اللازمة, كالذي لا يزال يحصل حاليا بالنسبة لمادة الإسمنت على سبيل المثال.‏

ولكن.. سرعان ما تلاشى هذا التضامن الذي كان وشيكا, أمام هول رقم نشرته الثورة أمس عن حجم خسائر الدولة الناجمة عن ممارسة نشاط التجارة الخارجية, حيث تصل هذه الخسائر إلى 62 مليار ليرة سنويا..!!‏

ما شاء الله. ما شاءالله.. وياله من نشاط بارع.. ونحن الذين كنا نظن أن العمل في التجارة الخارجية لايرقى إليه الشك بأن يكون خاسرا, إنه منجم ذهب..!!‏

مرة في إحدى قرانا الفقيرة, كان رجل أمي لايقرأ ولايكتب, غير أنه يعي تماما أهمية أن يبذل الجهود المضنية من أجل تعليم أبنائه, فراح يتعب ويكدح وينحت بالصخر, ويزرع الأرض كي يوفر لأبنائه نفقات الدراسة والمعيشة, وقد استطاع أن يحقق بعض النتائج المرجوة, أمام حضه المتواصل لأبنائه كي يتعلموا, ويشقوا طريقهم نحو مستقبل زاهر.. غير أن أحد أبنائه كان خمولا, وجاهلا لما يجري حوله, فراح يشكل لأبيه نقطة ضعف وحيرة مقلقة..‏

وفي يوم ربيعي, راح هذا الابن الطالب لتقديم امتحان باللغة الإنكليزية, فعاد ضاحكا كالأبله, وعندما سأله أبوه عن امتحانه أجابه بأنه كان جيدا..!‏

فاستغرب الوالد وأبدى ارتياحا وقال:‏

أأنت متأكد من ذلك..?‏

فأكد له ابنه ذلك تماما.‏

عند صدور النتائج تبين أن الولد قد حقق نتيجة (الصفر) في المادة, فأمسكه أبوه من شعره, وراح يمرطه, ويلوح برأسه يمينا وشمالا, وهو يقول له:( يقطعك الله.. أي والله لو إني أنا قدمت انكليزي على هذا الامتحان. لكان فيني أخذ صفر)!‏

أجل.. ولو أني أنا.. أو أي إنسان في هذا البلد يدير مرفق التجارة الخارجية لكان ببساطة شديدة, يمكن أن يحقق مثل تلك الخسائر, وبكفاءة عالية..!‏

إنها عملية سهلة, والجميع يمكن أن يكونوا خبراء بذلك..!‏

نحن بكل الأحوال لانحمل إدارة مؤسسة التجارة الخارجية كل المسؤولية, فلا ندري بعد ماهي حقيقة الأسباب الداعية إلى مثل هذه الخسائر المؤلمة, والفظيعة, وإنما نحن الآن أمام صدمة النتيجة فقط, رغم علمنا -مثلا- أن مؤسسة التجارة الخارجية تستورد الأرز بالسعر العالمي, ويباع إلى المواطنين بالبطاقة التموينية, وبسعر مدعوم, وكذلك السكر, ولاشك بأن الفجوة بين السعرين كبيرة جدا..‏

ولكن حتى وإن كان الأمر كذلك, فأمام المؤسسة كم هائل من السلع والمواد التي يمكن أن تتعاطى معها استيرادا وتصديرا وتحقق أرباحا مؤكدة.. إنها مفوضة- حسب مرسوم الدمج والإحداث الجديد- باستيراد كل شيء تقريبا, وتصدير كل شيء, ومهما يكون أمامها من عراقيل فلا يجوز أن تلغي مبادراتها الجادة للعمل بنشاطات رابحة تردم من خلالها أي فجوات محتملة.. لاسيما وأن أمامها الكثير من الفرص الذهبية التي تؤهلها لتحقيق أرباح وافرة, أو على الأقل لتحقيق علامة الصفر, التي كان يحققها ذلك الطالب الخمول الأبله..!‏

 

 علي جديد
علي جديد

القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30381
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30387
القراءات: 30381
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30384
القراءات: 30385
القراءات: 30381
القراءات: 30386
القراءات: 30380
القراءات: 30387
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30380

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية