تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الأثنين 10-5-2004
رئيس التحرير د. فائز الصايغ
بالقدر الذي تبدو فيه الظروف المحيطة بالقمة العربية المنتظرة صعبة ومعقدة، لا بل خطيرة، فإنها بالقدر نفسه مواتية وملائمة وتشكل فرصة كبيرة لالتقاط الزمن والقبض على زمام المبادرة حرصاً على المصير وتجنباً لما هو أخطر..‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

فالإخفاق والفشل اللذان تواجههما الإدارة الأمريكية وقوات الاحتلال في العراق لا ينحصران بالصعيد العسكري وحده، وإنما يتعديانه إلى الصعيد المعنوي والأخلاقي.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

فالأحلام الأمريكية البراقة التي تصورتها،وصورتها إدارة الرئيس بوش لاحتلال العراق وتحويله مع ثروته النفطية إلى جيب في الثوب الأمريكي تبخرت،وتحول الحلم إلى ضرب في الرمل السياسي،وإلى خيال يفتقر إلى أي أساس على أرض الواقع،وبدلاً من الورود الوهمية المزعومة تحول العراقيون إلى مقاومات متنوعة متوالدة،تجترح الأساليب وتبتدع الوسائل،وتخلق الإمكانات في مواجهات دفعت قوات الاحتلال وقادته إلى الاعتراف بخيبة الأمل وبصعوبة المواجهة وقسوة النتائج،وصار الانتصار الأمريكي في العراق يتمحور حول إمكانية وقف إطلاق النار أو تسليم الاسلحة أو إخلاء حي متواضع في مدينة مترامية الأطراف،وهكذا سقطت الأهداف الاستراتيجية الأمريكية التي أعلنتها قبيل الحرب على العراق،كما سقطت مصداقية الإعلام الذي سوق الهذيان الأمريكي حتى غدت الدولة العظمى اليوم أكثر هشاشة وتعرضاً للخطر مما كانت عليه قبل الحرب.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

ثم جاءت فضيحة العصر التي بدأت تتكشف أمام الرأي العام الأمريكي تحديدا والعالمي عموماً، والتي قدمت للعالم صورة دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، مكثفة بمجموعة من الجنود يمارسون حقدهم وكراهيتهم وعنصريتهم ضد عراقيين عراة مقيدة أيديهم وأرجلهم بسلاسل الحديد مع تعذيب سادي بشع، يعيد إلى الاذهان ما كتب عن معسكرات التعذيب النازية.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

كل هذه التداعيات تجعل الفرصة مواتية لانعقاد القمة العربية أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك زمن تأجيل القمة المباغت وما رافقه من خوف على القمة ونتائجها،فكما قلنا من قبل: رب ضارة نافعة، فانعقاد القمة في هذا الظرف يخدم قادتها وقراراتها ويستجيب لتطلعات الشارع العربي، ويجعل منها منعطفا هاما في تاريخ العرب وقممهم المتتالية،وما نخشاه أن تقود المبالغة في الحرص على القمة والخوف منها وعليها إلى قتل الفرصة التاريخية وتبديد ظروف انعقادها، وبالتالي تتلاشى أحلام الشارع العربي المعقودة على عقد القادة وعزمهم اللقاء، وإغلاق الأبواب للمكاشفة والمصارحة والمواجهة علَّ تسمية الأشياء بمسمياتها يدفع الجميع إلى اتخاذ المطلوب والمنتظر..‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

فأسباب الانعقاد كثيرة وخطيرة، فيما لا يوجد سبب واحد لتأجيلها أو عدم انعقادها،والمعلومات والتصريحات والمواقف التي تتوارد من عواصم العالم ومنها الأوروبية والعربية تعوّل على انعقاد القمة الكثير لتحديد المواقف من القضايا المطروحة، والتي سيؤسس عليها الأوروبيون مواقفهم سواء في قمة دول حلف شمال الأطلسي التي ستعقد في حزيران القادم باسطنبول، أم في القمة الأوروبية -الأمريكية، أم قمة الدول الصناعية الكبرى،وبالتالي فإن مهمة تحديد المسار العربي وتوصيف رؤاه ورؤيته أصبح اليوم حاجة دولية فضلاً عن كونه ضرورة قومية، من شأنها وضع الدول الأوروبية من جهة والدول الصديقة في العالم كله أمام مسؤولياتها تجاه الوضعين في العراق وفلسطين، وانعكاس ممارسة هذه المسؤوليات على الأمن والسلام في المنطقة من جهة، وعلى العلاقات الثنائية والجماعية العربية -الأوروبية من جهة ثانية...‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

لقد بذلت سورية وقائدها الرئيس بشار الأسد جهوداً حثيثة لتوفير الظروف المناسبة لانعقاد القمة، وعقدت لهذا الغرض سلسلة من اللقاءات والقمم الثنائية، حرصاً منها على عدم تفويت الفرصة السانحة لاتخاذ موقف عربي، وإيماناً منها بأن العمل العربي المشترك في إطار رؤية سياسية عربية موحدة وثبات في الموقف وتمسك بالحقوق من شأنه أن يدفع الخطر، وأن يسهم في تعريض مساحة المواجهة السياسية لمشروع بوش-شارون ، ويزيد من المأزق الذي تتعرض له عقلية الاحتلال ونتاجها المفضوح وممارساتها المدانة عالمياً،تمهيداً لإغلاق كافة الخيارات أمام سياسات الاحتلال مع الإبقاء على خيار الانسحاب الأمريكي من العراق، بلا قيود ولا شروط.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

فهل من المبالغة القول: إن انعقاد القمة العربية واتخاذها الموقف المطلوب يعتبر خطوة على طريق هزيمة الاحتلال في العراق، وهزيمة مشروع شارون في فلسطين..لا أعتقد إنها مبالغة .. فهذا جوهر الحقيقة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

 

 د. فائز الصايغ
د. فائز الصايغ

القراءات: 30395
القراءات: 30395
القراءات: 30397
القراءات: 30388
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30398
القراءات: 30397
القراءات: 30391
القراءات: 30395
القراءات: 30405
القراءات: 30392
القراءات: 30399
القراءات: 30390
القراءات: 30398
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30393
القراءات: 30395
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30394
القراءات: 30394
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30399
القراءات: 30393
القراءات: 30392
القراءات: 30400
القراءات: 30393

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية