وطبعا هذه القصة حقيقية ذلك أن التوظيف في سورية كان ولعشرات السنين توظيفا اجتماعيا لا اقتصاديا, ورغم عملية التحول الاقتصادي التي بدأت منذ بضع سنوات ما تزال آليات التوظيف ذاتها والمفارقة هنا انه يتم محاسبة الشركات اقتصاديا على الربح والخسارة بمفهوم اقتصادي صرف دون النظر إلى تأثير العمالة الفائضة في هذه المنشأة أو تلك على تكلفة المنتج, ودون النظر إلى السوق والمنافسة وقوى العرض والطلب الخ..
والحق أن ما أرغبه من هذا الطرح ليس موضوع ربحية الشركات وما تطالب به الجهات والهيئات الاقتصادية بتوفير البيئة الاقتصادية السليمة للعمل في ظل اقتصاد منفتح قوامه المنافسة بالسعر والجودة بل أردت ذلك مدخلا لتسليط الضوء على قصة تناقض قصة العمالة الفائضة في بعض أجهزة الدولة وهي النقص الحاد في العمالة لدى الكثير من مؤسسات الدولة.
ولعل الاسطوانة التي صرنا نسمعها عن النقص في عناصر الرقابة التموينية منذ عشرات السنين من رأس الهرم في وزارة الاقتصاد أو التجارة حاليا إلى أصغر موظف معني بالموضوع خير دليل على هذا التناقض ودائما القائمون على هذا الملف يحيلون العجز في ضبط الأسواق الى قلة عناصر الرقابة التموينية «عناصر حماية المستهلك», أيضا إذا انتقلنا الى مكاتب الطوارئ وبالأخص طوارئ الكهرباء فإننا نسمع دائما ذات الاسطوانة عند الاتصال بهذه المكاتب بأنه يوجد نقص في الكوادر وتاليا فان التلبية تكون في حدودها الدنيا والأمثلة كثيرة ولعل آخرها ما صرح به مصدر حكومي رفيع المستوى في وزارة الموارد المائية بأن الوزارة تعاني من أزمة في نقص العاملين والكوادر لديها وأن عدد الموظفين فيها لا يتعدى 90 شخصا.
والغريب أن الحكومات المتعاقبة لم تعر أي اهتمام لهذا الملف رغم أهميته بالنسبة لعملية الإصلاح الاقتصادي والإداري وهنا اقترح تشكيل لجنة عالية المستوى وبصلاحيات واسعة لمعالجة ملف العمالة وتحديد احتياجات أجهزة الدولة المختلفة ثم القيام بعمليات النقل من الأمكنة الفائضة الى الأمكنة التي فيها نقص في العمالة هذا طبعا مع عدم تجاهل عمليات التأهيل والتدريب لمن تغير عمله.
H_shaar@hotmail.com