تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل الواقعية تناقض التاريخ?!

محطة
الاثنين 29/9/2008
د. خلف الجراد

درج عدد من أدعياء العلم والفهم و (الواقعية السياسية) و (الانفتاح الذهني والفكري) باتجاه الليبرالية والعولمة والأمركة والصهيونية ورموزها..

على التهكم المرير والسخرية الشديدة من الذين (يجرؤون) على قراءة الأحداث بصورة شاملة, تربط الوقائع والتحركات ببعضها منطقياً, وتبحث في الأسباب الحقيقية الكامنة خلف المتغيرات والجهات المستفيدة منها. لأن هذا المنهج التحليلي في رأي الفئة المتعالمة, المدعيّة , سيقود إلى تفسير الأمور وفق (نظرية المؤامرة), وهي أطروحة غير واقعية, هدفها إبعاد الأنظار عن عناصر التأثير والفعل وردّ الفعل, والتهرب من تحديد المسؤوليات في هذا الحدث أو ذاك.‏

وإذا سلّمنا بعدم صحّة المؤامرات والخطط وألاعيب السياسة ومكرها, فهل يمكن واقعياً استبعاد المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستراتيجية في العلاقات الدولية, منذ مئات السنين إلى اليوم?!... وهل بنيت هذه العلاقات بشكل واضح ودقيق ومتكافئ?!.. وهل غابت عنها الصفقات السرية والتحالفات المعلنة وغير المعلنة?!... وإذا كانت الأخلاق هي السائدة في التعاملات الدولية, فلماذا لا يكشف النقاب عن آلاف الوثائق المحفوظة في عواصم الدول الاستعمارية منذ عقود طويلة, حتى أن بعضها يعود الى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر, اللذين شهدا أكبر حركة لاستعمار آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية?!.. بل كيف حصل الاستعمار نفسه, وبأي أساليب, وكم كان حجم الدمار العالمي الذي قام به, والجرائم البشرية الهائلة, التي اقترفها للوصول إلى مآربه الخاصة!!.‏

مشكلة الفئة الغارقة في انفتاحها على الفكر الليبرالي الغربي وفلسفته النفعية, أنها تحاول أن تغطي الحقائق والوقائع الرهيبة, التي اعترف ويعترف بها أصحابها مباشرة أو مواربة, سواء في مذكراتهم, أم في نشر بعض الوثائق بين الفينة والأخرى بأسلوب تدرجي مقنن (لا يثير الصدمة.. والمتاعب).‏

ووجه الغرابة هنا أن الفئة المتعولمة والمتأمركة تبدي جهلاً مخزياً في التاريخ ومجرياته... والقوى والشخصيات, التي أدت مهمات وأدواراً سرّية خطيرة في إطار (لعبة الشطرنج الكبرى) (على مستوى العالم), حيث كان بعضها لاعباً أساسياً ومحورياً (وقد تقتضي الخطة أن يكون متخفياً وغير معروف), وكان بعضها الآخر مجرّد (أحجار) أو (بياذق) على رقعة الشطرنج.‏

وإذا كان من غير المطلوب أن يكون كلّ مثقف مؤرخاً أو متخصصاً في العلاقات الدولية, وقضايا نشوء الأمم والدول, إلا أنه من غير الجائز أن يتفاخر بعض المثقفين بجهلهم, أو يكتفون بالسخرية من(المعتقدين بنظرية المؤامرة وتفسيراتها الساذجة)!!. ولا ندري فعلاً, إن كان هؤلاء (الليبراليون الجدد) قد اطلعوا على تاريخ (تأسيس الأمة الأمريكية) لكونهم من المهووسين ب (الأنموذج الأمريكي), الذي أصبحت الولايات المتحدة بموجبه أكبر قوة في عالمنا المعاصر, استناداً إلى ابتكار أساليب متجددة في التطور الرأسمالي, والنهب, وتصدير الفكر الليبرالي, والعولمة, والقتل الجماعي و (الحروب الاستباقية) في آسيا وأفريقيا ومناطق أخرى من العالم?!.‏

أسئلة لاتطرح هنا من فراغ أو لإثارة حوارات ومناقشات في إطار (العصف الفكري), بل انها نابعة من جوهر المشكلات, التي لا بدّ أن يكون للمثقفين العرب رؤية واضحة وحاسمة بشأنها.‏

Kh@Khalaf-aljarad.com‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 29/09/2008 04:26

نظرية المؤامرة وهم وخيال, لكن المؤامرة موجودة واقعيا, فالشر كما الخير موجود ومستمر في حياة البشرية والإنسانية, ولايمكن للشر أن يعمل أو يفعل إلا عن طريق المؤامرة.

عصام الأحمر |  isaaam@maktoob.com | 02/02/2009 13:30

أظن أن نظرية المؤامرة تتعارض مع أبسط معاني المخلوق المسمى (إنسان)، بل إن طبيعة الطفل وحتى الحيوانات (البهائم) تتعارض مع نظرية المؤامرة وإنما التفسير المنطقي والطبيعي للأحداث والوقائع عبر التاريخ هو (نظرية المصلحة) والتفسير بهذه النظرية ينسجم مع مجمل الطبيعة الإنسانية... وتفرعات هذا الحديث متشعبة.. تحياتي

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د.خلف الجراد
د.خلف الجراد

القراءات: 1846
القراءات: 945
القراءات: 1061
القراءات: 940
القراءات: 1000
القراءات: 966
القراءات: 2030
القراءات: 2892
القراءات: 2078
القراءات: 1255
القراءات: 6462
القراءات: 1462
القراءات: 1185
القراءات: 1261
القراءات: 1108
القراءات: 1408
القراءات: 1264
القراءات: 1079
القراءات: 1118
القراءات: 1277
القراءات: 1219
القراءات: 1072
القراءات: 1224
القراءات: 1234
القراءات: 2487

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية