فإن المشهد الثقافي السوري, يفتقر الى ما يمكن تسميته بالحاضنة الثقافية, التي تساهم في الحد من تشظي هذا المشهد, والحيلولة دون تحويله الى أجزاء متناثرة غير منسجمة, لا يستطيع في ظلها تكوين واقع ثقافي قادر على التأثير خارج حدوده الجغرافية ككتلة فاعلة مؤثرة.
هذا التوصيف يقودنا الى قضية قديمة جديدة, تتعلق بحال الكتاب والكتّاب, والامكانيات المتاحة لترويجهما. ومن واقع هذه الرغبة وأهميتها, فالمطلوب إذاً, البحث عن كيفية الترويج والآليات المتاحة لذلك, للوصول الى ما نأمل ونريد.
يوم أمس الأول, بدأت بقراءة الرواية ذائعة الصيت (عمارة يعقوبيان) ومن صفحاتها الأولى, لم ألمس فيها أي ملامح للرواية الحديثة, وبدت لي في لغتها وأسلوب السرد فيها, وكأنها مكتوبة في خمسينيات أو ستينيات القرن الماضي, وهذا يعني أن الكاتب لم يستفد في روايته من التراث الروائي العالمي في الخمسين سنة الأخيرة, الأمر الذي يجعلها لا تنتمي الى زمنها وجيلها. ومع كل هذا فقد لاقت الرواية ما لاقت من احتفاء وتطبيل وتزمير, والسبب بكل بساطة أن ثمة مشهداً ثقافياً استطاع تصديرها بالوقت والشكل المناسبين, فيما لم تستطع على حد علمي, أي رواية سورية الخروج من محيطها, وربما مع استثناءات نادرة جداً, قياساً بما هو الحال عليه في بعض مشاهد الثقافة المتعددة.
هذا الأمر, يدفعنا الى البحث عن حلول بعينها, يمكن من خلالها الوصول الى ما نريد أو على الأقل سد الثغرات التي تقف حائلاً بيننا وبين ما يمكن أن يساعدنا في تحقيق أحلامنا, وهي جعل المنتج الثقافي السوري, يخرج من حدوده الجغرافية, بالكم والكيف المناسبين.