نجحت سورية في تحقيق مستويات عالية في إنتاج المحاصيل الإستراتيجية جعلتها الأكثر توازنا، لجهة تحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق الكفاية لينتقل الاقتصاد بفضل ما قدمته الزراعة والمنتجات الزراعية، من قيمة مضافة إلى معدلات الإنتاج والصناعة السورية، إلى حالة من النمو، شكلت رقماً مهماً في سنوات ما قبل الحرب على سورية .
حديثنا هذا لا يعني أننا نستحضر دلائل، ومبررات لشرح ما يعنيه الاهتمام بهذا القطاع، بل للتذكير بأن عودة التدفق لهذا القطاع، تحتاج للكثير من الخطط والاهتمام والمتابعة النوعية المسؤولة، مثلما تحتاج لتشاركيه حقيقية بين الجهات المعنية بإدارة القطاع الزراعي، والمنتجين الحقيقيين على الأرض .
وبتحقيق هذه المعادلة، نعود تدريجيا لنمط إنتاجي يشكل حجر الزاوية نحو التعافي الاقتصادي، الذي بدت ملامحه واضحة في الحضور الطيب للصادرات الزراعية، التي أخذت طريقها باتجاه أسواق الدول الصديقة، عبر الخط البحري بين اللاذقية وميناء نوفوروسيسك الروسي ، والتي جاءت تنفيذاً لاتفاقات ثنائية بين الجانبين، لتوسيع مظلة الصادرات لتشمل مواد أخرى ، وكذلك ما تشهده الحاصلات والمنتجات السورية، من طلب اليوم في الأسواق العالمية، إذ تجدر الإشارة إلى الخطوات اللاحقة، باتجاه كل من إيران ودول البر يكس، لبعض المنتجات الزراعية السورية ، وآخر المطاف، ما نقل عن اتفاقيات مهمة عقدها الوفد السوري المشارك في المعرض الزراعي السوري العراقي، مع رئيس غرفة تجارة بابل، لإقامة مركز سوري متخصص بالمنتجات الزراعية السورية ، وغير الزراعية، والاتفاق بين الجانبين على تقديم كل التسهيلات الممكنة، لتسيير دخول وتسويق المنتجات السورية إلى العراق .
على الرغم من أهمية الخطوات المذكورة ، من المبكر الحكم على نتائجها المباشرة على الحراك الاقتصادي السوري ، لكنها خطوات مهمة ، قياساً للظروف الصعبة التي تحيط بالواقع الاقتصادي العام في سورية، وخاصة لجهة تعرض الاقتصاد للعقوبات الاقتصادية الظالمة، فضلاً عن الاستهداف المدروس لعوامل القوة في هذا الاقتصاد ، ومع ذلك فإن الدعوة للاهتمام أكثر بقطاع الزراعة، لا تعني أن مظلة الاهتمام لا تغطي هذا القطاع، لكنها غير كافية، إذا أخذنا بالاعتبار ما تحتاجه تنمية المناطق الزراعية ، من موارد وإمكانات، لكن التشارك والتوجه لأصغر وحدة إنتاجية لدينا، يدفعنا خطوات مطلوبة للأمام ، ولنا في صور الأمس غير البعيد أوضح الدلائل. .