ومع ذلك لم يسمعوهم وفي الغالب الأعم كانوا يقطعون حديثهم.»
سيثير كلام موديانو خلفيات ذاكرتنا والطفولة القابعة هناك.. نحن أيضاً ننتمي لجيل لم يسمح للأطفال بالكلام بين الكبار, وفي بعض الأحيان لم يسمح بجلوسهم بين الكبار, فهل بدأ الوعي الجمعي لهذه الأجيال من الأطفال الذين صاروا رجالاً ونساءً يأخذ حقه عنوة ويحاول التعويض؟
إن الجميع يبحث عن طريقة ما للتعبير عن الرأي.. وحين يُحرم منها سيجد البدائل المناسبة.. بعض تلك البدائل رائعة كالكتابة مثلاً.. أو كل ما يدخل محترف الفن.. أما بقية الطرق فأظنها قد تشعل الحرائق حولها.
كي يخرج الطفل من أبواب الطفولة لابد له من الاندماج رويداً رويداً بعالم الكبار.. وأن يجيد وسائلهم وأهمها الكلام.. حين يعطى الوقت اللازم للتعبير عن نفسه وأفكاره, لن يكون متردداً خائفاً من غضب الكبار وعواقب الكلام عند الخطأ.
في الحرب تكثر أوقات الصمت بين الكبار والصغار وكأن الكلام حلية زائدة عن الحاجة إذ ما فائدة الكلام ههنا ولا صوت يعلو على صوت الخراب.. لكن الحقيقة الموضوعية تؤكد أننا بحاجة قصوى للكلام خاصة في أوقات الحرب.. عسى يعمل بعضه على تفكيك القلوب المفخخة والعقول المفخخة بالكره والحقد وحب الذات.
نحن اليوم جميعنا أطفال لا يسمح لهم الكبار بالكلام ولهذا نتردد ونتلعثم ولا نجيد سوى الصمت والكتابة ليأتي يوم ونجبر الكبار على قراءة ما مُنعنا من قوله في حضورهم.
suzan_ib@yahoo.com