لم تفرزها فقط الإشكاليات التي نتجت عن تجربة دمجها في السابق مع وزارة الاقتصاد وما خلفته من فوضى عارمة في السوق لم يسبق لسورية أن شهدت لها مثيلاً من قبل بفعل تحرير الأسعار وضعف إن لم نقل غياب الرقابة, ولم تفرزها كذلك مناداة المهتمين وأصحاب الاختصاص والمنابر الإعلامية بالعودة عن تجربة الدمج الفاشلة, بل كانت العودة أيضا نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد والحاجة الملحة لوجود إدارة متفرغة تمتلك القرار في الموضوع الأقرب إلى المواطن والمتمثل في تأمين احتياجاته الحياتية الاستهلاكية الأساسية اليومية.
وتوجهات الحكومة الحالية عبر تأكيدها بأن حل اختناقات السوق المحلية وتأمين المواد الأساسية للمواطن من الأولويات يؤكد ما ذهبنا إليه, ذلك أن الترجمة الفورية لهذا التوجه جاءت من النائب الاقتصادي الذي يمسك ملف التجارة الداخلية أيضا عند حدوث خلخلة في السوق الأسبوع الماضي فأعاد الأمور إلى نصابها تقريبا من خلال جولاته على معظم أسواق دمشق وما تبعها من إجراءات لتتوفر خلال ساعات جميع المواد التي شعر المواطن بفقدانها كالخبز والألبان والخضراوات .. بسبب حالات الاحتكار أو سوء التوزيع أو طرق ايصال المواد أو ...الخ.
والمهم في جولات النائب الاقتصادي انه يذهب بنفسه ليرى الأسواق على حقيقتها ويستمع من المواطنين أو الباعة على أرض الواقع دون أن يعتمد على التقارير الورقية أو استشارات الكوادر من حوله وهذا ما لم يحدث في السابق وباعتقادي هذا التفاعل ترك ارتياحا كبيرا لدى المواطنين.
وكي لا نبسط الموضوع كثيرا فان للوزارة «العائدة» مهمة أكبر وأعقد من هذا الدور الذي تقوم به الآن في حل الاختناقات وقت الأزمات رغم أهميته في المرحلة الراهنة كما أشرنا غيرأن تحديات كبرى تنتظر هذه الوزارة في ضبط السوق عموما وتصويب الخلل الذي أصابه نتيجة السياسات الاقتصادية السابقة لجهة آلية العرض والطلب والأسعار والرقابة حيث شجعت تلك السياسات معظم التجار والباعة بطبيعة الحال على رفع الأسعار وزيادة الاحتكار جراء الضعف الذي كان حاصلا في اتخاذ القرارات والإجراءات الرادعة بحق المخالفين.
وما يجعلنا نتفاءل بتحقيق نتائج ايجابية في استراتيجية هذه الوزارة أن الشخص الذي يديرها يدير أيضا الملف الاقتصادي السوري ككل الأمر الذي يسهل عملية اتخاذ القرار وتنفيذه فضلا عن الرؤية المتكاملة التي ستتوفر لدى النائب الاقتصادي لما يجب أن يكون عليه اقتصادنا.
H_shaar@hotmail.com