| الأزمة المالية في الولايات المتحدة وأزمة عام 1929 اقتصاديات وسمي انذاك بالانهيار العظيم فهل تتحول فعلا الازمة المالية الاميركية الى انهيار عظيم? الارجح ان ذلك لن يحدث وذلك في ضوء عاملين اساسيين: العامل الاول اختلاف طبيعة الازمة فأزمة عام 1929 كانت ازمة فيض انتاج وهي تعبير عن الازمات الدورية التي شهدها النظام الرأسمالي والذي رافقت وجوده منذ ان اصبح النظام الاقتصادي المهيمن على وسائل الانتاج وازمات فيض الانتاج التي تحدث دوريا وتتسبب بالازمات تنجم عن واقع ان المصانع والمزارع تنتج المزيد من السلع وتتنافس فيما بينها على الاسواق ولكن حجم هذا الانتاج يصل في مرحلة معينة الى انه يصبح اكبر من الطلب ويضطر اصحاب المصانع والمزارع الى ابطاء الانتاج واحيانا الى اتلاف الفائض في منتجاتهم مثلما حدث في ازمة عام 1929 لاعادة التوازن الى العلاقة بين العرض والطلب وقبل حدوث ذلك تقع الانهيارات التي تحولت بعد ازمة عام 1929 الى دورات ركود بدلا من الانهيار بسبب القيود التنظيمية والاجرائية التي استخرجت بعد ازمة 1929 لكن الازمة الحالية ليس ازمة فيض انتاج فهي لا تعبر عن واقع ان المصانع والمزارع انتجت كمية هائلة من السلع وان العرض صار اكبر بكثير من الطلب وبالتالي بات الانهيار التصحيحي امرا لا مفر منه لاعادة التوازن من جديد للعلاقة بين العرض والطلب , الازمة الحالية رغم ان اسبابها العميقة تعود الى نوع من انواع الكساد والفوضى الذي اصاب الاقتصاد الامريكي وتراجع حصة الولايات المتحدة من اجمالي الناتج العالمي والاختلالات الحادة التي يعاني منها الاقتصاد الامريكي وتراجع حصة الولايات ان لجهة عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة وارتفاع المديونية الا ان الازمة الحالية نابعة من عوامل تتعلق بمدى فعالية النظام المالي والاقتصادي وانحسار دور الدولة بعد ان تم التخلي عن القيود التي فرضت بعد ازمة 1929 حيث ترك القطاع المالي يعمل على هواه من دون اية ضوابط ورقابة فعالة وارتكاب اخطاء قاتلة تسببت بالازمة الحالية. ولكن حجم دور البنوك في الاقتصاد الاميركي هو الذي جعل الازمة تأخذ هذه الابعاد الخطيرة ولكنها لن تصل الى المستوى الذي بلغته ازمة عام 1929 مهما كانت تداعيات انهيار القطاع المالي. العامل الثاني عولمة الاقتصاد العالمي فهذه العولمة تلعب الان دورا كبيرا في الحؤول دون بلوغ الازمة المالية في الولايات المتحدة المستوى الذي بلغته ازمة عام 1929 اي انهيار عظيم فالعولمة خلقت روابط ومصالح مشتركة وبالتالي بات من مصلحة معظم اقتصادات العالم المسارعة الى نجدة الاقتصاد الاميركي والحؤول دون انهياره ليس حبا بالولايات المتحدة بل دفاعا عن مصالح الدول التي ضخت عشرات مليارات الدولارات في اسواقها المالية لمساندة الاقتصاد الامريكي ولقطع الطريق على احتمالات الانهيار فالولايات المتحدة اكبر سوق لتصريف البضائع الصينية والاوروبية واليابانية وبالتالي فان الانهيار الاقتصادي الشامل سيؤدي الى انهيار هذه السوق وذلك سيؤدي الى انهيار اقتصاديات تلك الدول ولهذا ستبذل هذه الدول كل ما بوسعها للحؤول دون وقوع هذا الانهيار. تضافر هذين العاملين هو الذي يحول دون تكرار تجربة انهيار عام 1929 .
|
|