نقادا ومخرجين ليصنعوا أفلاما تصور الطبقات الدنيا من المجتمع رداً على الافلام التي تصور الطبقات العليا المرفهة، فجاءت السينما الواقعية نقيضا لأفلام التلفونات البيضاء حسب مصطلحاتهم ، وفي مقدمة هؤلاء فيسكونتي وتبعه فيما بعد روزي لتكتسب السينما الايطالية على أيديهم صفة الواقعية ، تماماً كما اكتسبت السينما الفرنسية صفة الشاعرية ، بينما كانت السينما الألمانية سابقة لهما بصفة التعبيرية ..
وقد خلق مصطلح السينما الواقعية مشكلة لنا عندما نهضت السينما في الأقطار العربية .. فأغلب السينمائيين الشباب حاولوا تقليد الواقعية الإيطالية .. ولكنهم ظلوا أسرى الشكل والمضمون دون وضع بصمة خاصة بهم في أفلام ، ولم يتمكنوا من نيل شهرة محلية أو عالمية بتلك الأفلام التقليدية .. سوى يوسف شاهين بفيلمي باب الحديد والأرض اللذين أخرجهما بتمويل من القطاع السينمائي العام .
حتى إذا وصلنا إلى الألفية الثالثة طفت على السطح عروض سينمائية تحت اسم سينما الواقع .. أفلام ململمة من هنا وهناك .. وأفلام صنعها سينمائيون شباب يريدون أن يعرضوا عضلاتهم الفكرية والفنية ضمن هذه الأيام ، ولكنها تبقى صورة طبق الأصل عن تلك التي عرفت في بعض الانتاجات العالمية والتي وصلت عدواها الى بعض أفلام العالم الثالث .. وربما لا يزال في الذاكرة الفيلم الهندي (ماسح الأحذية).
جميل ان يكون المثقف واقعياً ، وأن يستقي مادته الثقافية من الواقع .. ولكن أي واقع نختار لنضعه بصورة مكبرة على شاشة السينما .. تلك هي المسألة !
والمأمول من هؤلاء أن لا يكون الواقع انتقائياً أو يدخل في جانب سلبي فقط .. فكل جوانب المجتمع جديرة بالظهور على الشاشة.