نقلت مصادر موثوقة عن مكالمة جرت بين نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ووزيرة الخارجية رايس اوعز خلالها تشيني لرايس ان تحرك ماقال انهم (تلك الحثالة ) في لبنان ويقصد انصاره من اقطاب 14 شباط , لمحاولة اثارة الفتنة في لبنان ومساعدة اسرائيل في تحقيق أي نصر على المقاومة , يمكن استخدامه فيما بعد !
لانعترض بالطبع , على ماوصف به تشيني انصاره من بعض اللبنانيين, بل , وللمرة الاولى , نصدقه ونضيف اليه . لكننا نتوقف هنا عند حقيقة ان اعضاء تلك ( الحثالة ) جميعا هم نواب في البرلمان اللبناني , وبعضهم ايضا وزراء واصحاب قرار , ويفترض نظريا انهم منتخبون من شعب لبنان , فإذا كانوا في موقع الحثالة بالنسبة الى تشيني , ففي أي موقع يرى هذا التشيني شعب لبنان , بل الى اي المواقع جر هؤلاء شعبهم ? واذا كان النظام اللبناني الحالي , هو النموذج )الديمقراطي )الذي يبشر الرئيس بوش بتعميمه على المنطقة العربية , فكم من الحثالات يسعى هذا الرجل ويعمل لاستزراعها او استنباتها او استنساخها او استمساخها في منطقتنا ?
واذا كان مستحيلا واكثر من المستحيل على الشعب الذي يرسم اليوم اروع صور الحرية والكرامة والاباء , ويبذل الدم والدموع والمال في مقاومة العدوان الاسرائيلي الهمجي , ان يكون في ذات الوقت خائنا لذاته وعميلا لغيره , فكيف نفسر ان يكون بعض ممثليه في مجلس النواب على هذا القدر من الحثالة ?
لاتفسير سوى ان تلك الحثالات لم تصل بالاصل الى مجلس النواب بإرادة ذلك الشعب ومحض اختياره , بل بإرادة من يراها ومن اسماها حثالات , وهي كذلك بالفعل !
بالامس نشرت الثورة لقاء مطولا اجرته مع السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي اثناء زيارته الى سورية مؤخرا , وكان ثمة اجابة صريحة على سؤال يقول : هل ثمة ديمقراطية حقيقية في العراق اليوم , قال السيد المشهداني : لاديمقراطية تحت الاحتلال !
استعير هذه الاجابة الصريحة والجريئة لأقول , ان الشرط التاريخي والموضوعي الاول للديمقراطية هو الحرية بما تعنيه من سيادة واستقلال وخيارات مفتوحة و ولن يتأتى ذلك الشرط إلا بارتقاء الوعي السياسي والوجدان العام والضمير الاخلاقي المشترك للشعب الى مافوق الوطنية , أي الى ان يكون الوطن هو الانتماء الوحيد الذي يجمع عليه الشعب بفئاته كافة ودون أي استثناء . وممثلو الشعب في هذه الحالة هم نموذج شرط الحرية وذروة ارتقاء الوعي , وبالتالي , هم الصف الاول في مقاومة العدوان , وهم خلاصة الوعي وتجلياته .
فأين هم نواب 14 شباط اللبنانيون على احداثيات ذلك الصف وتلك الخلاصة ?
انهم يتوسلون الاحتلال , أي احتلال , اسرائيلي او اميركي , او حتى عبر استقدام قوات دولية يستظلون بها , ويمارسون من خلالها لعبتهم المتواصلة في ركوب صهوات الديمقراطية والحرية والاستقلال , وغيرها من المفردات الطنانة , وهم الاكثر افتقادا لها , والاكثر ارتباطا بكل ماهو دون الوطنية من الانتماءات الطائفية والعائلية والمذهبية وحتى العشائرية.
انهم الاكثر ابتعادا وعداء معا للمقاومة والتآمر عليها , وهم قاع الحضيض في وعي وضيع ظل على الدوام اسير الطائفيات والمذهبيات والولاءات الخارجية التي لاتلبث ان تدوسهم مرة , حتى تنفض الغبار عنهم مرة اخرى .. خرقة مهترئة في مطابخ قذرة .
ليس عبثا او عابرا ان يكونوا حثالة !?