إنها تركة ثقيلة بكل ما للكلمة من معنى لكننا نتطلع بتفاؤل إلى المستقبل مع بعض الإشارات إلى الواقع عندما تستدعي الضرورة ذلك، وأتناول الاقتصاد أنموذجاً، سواء في بعض المواقع، أو التطلعات، وأبدأ بالقول إنه إذا كان من مهمة وزارة الدفاع حماية الحدود، فإن من مهمة وزارة الاقتصاد حماية الداخل، والداخل مهم ومؤثر في أي جهد أو قرار يستهدف حماية الوطن بأرضه أو بقراره السياسي، لذلك قد نسميها وزارة الدفاع الاقتصادي.. أو وزارة الاقتصاد المقاوم وكما ذكرنا فإنه لا بد للقرار السياسي الوطني من اقتصاد قوي يستند إليه ويدعمه!.. وهي مناسبة لأوكد تفاؤلي بتحول وزارة للوطن والمواطن وبالحكومة التي ستوفر مختلف عوامل النجاح للوزارة في هذا الاتجاه. أيضاً هي مناسبة لأضع مجموعة من النقاط التي اعتقدها مهمة في مرحلة العمل القادمة لوزارة الاقتصاد، مع اعتقادي أنها قد لا تضيف شيئاً، لكنها قد تحرّض الأفكار وخطط العمل لإخراجها وتنفيذها..
وأولى النقاط التي أود الإشارة إليها هي التمني بعدم الركون إلى التقارير التجميلية التي اعتاد كثير من المديرين اعدادها لاطلاع السيد الوزير، وخاصة تلك التي تمتدحه فتقول إن ما تم هو بتوجيهاته ورعايته.. لأنها غالباً ما تكون تقارير نفاق! ولا بأس معه أن يكون لدى السيد الوزير مجلس استشاري، ولو كان مصغراً يضم التاجر والاقتصادي والصحفي وغيرهم يقدم له صورة الواقع على حقيقتها، وما يراه من إجراءات وحلول لبعض المشكلات، كما يمكن أن يناقش معه الإجراءات المتخذة، أو المطلوب اتخاذها! ومن المفيد أن يكون هناك لقاء شهري مع الإعلاميين ليسمعوا (بفتح الياء) ويسمعوا (بضمها)..
ورابع هذه النقاط هي أن كثيراً من الوزراء المسؤولين السابقين الذين تبهرهم تجارب الدول التي يزورونها يعدوننا بنقل هذه التجارب والاستفادة منها، ونحن نقول لهم إننا نريد تجربة سورية، وأن تكون سورية تشبه سورية، وسورية غنية بكل الإمكانات والموارد والطاقات التي تؤهلها لأن تكون صاحبة تجربة في كل القطاعات السياحة، والزراعة، والصناعة، والخدمات، وغيرها.
لقد أصابتنا عقد التجارب لكثرة ما ردد لنا تجربة ماليزيا وتجربة الهند، وتجربة الصين، وتجربة تركيا.. الخ، ونحن نريدهم أن ينقلوا تجربتنا لا أن ننقل تجاربهم!!
والنقطة الخامسة المهمة هي ما يتعلق بالمستهلك... لقد ضاع المستهلك منذ أن ألغوا الرقابة التموينية واستبدلوها بدائرة ثم مديرية حماية المستتهلك، وأصبح المستهلك يعاني غلاء الأسعار وفوضى الأسواق بعد تحريرها، لأن الأسواق والأسعار تحررت لمصلحة التاجر وليس لمصلحة المستهلك!.. وتحرير الأسعار يقودنا إلى التحرير المتسرع للتجارة الخارجية، حيث أفلست مئات المعامل والورشات وتشرد آلاف العمال، وتحول كثير من الصناعيين إلى تجار ليساهموا مع غيرهم بتسهيل غزو أسواقنا بما هب ودب من سلع استهلاكية ووسيطة، وللأسف لم تعاملنا الدول التي منحنا لها أسواقنا بما عاملناها به!.. بل بدأ بعضها يتآمر علينا!!
باختصار: التركة ثقيلة.. والمطلوب كثير، لكننا متفائلون..!!