تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خلّها علينا ..؟

معا على الطريق
الجمعة 29-11-2019
ديب علي حسن

لم تكشف الأيام والوقائع زيف ما كان وتحدثنا عنه كثيراً باعتزاز، أكثر مما هو الآن، في حكايا التراث القريب والبعيد سمعنا وقرأنا عن هذا التاجر،

وذاك، كم رووا لنا أن فلانا من التجار كان يضع قسماً من بضاعته على قارعة الطريق لمن يحتاج، وآخرون اسقطوا ديون المحتاجين والفقراء، وبمناسبات كثيرة أغدقوا الهدايا ووزعوا الاعطيات لكل من شعروا أنه محتاج، دون ان يعرف أو يسمع احد ما بما قاموا به، بل إن من يذيع وينشر مثل هذه الاخبار ينظر إليه بعين الريبة والشك، في الجعبة الكثير من هذه الحكايا التي نستذكرها اليوم، وتصدمنا الوقائع التي نراها ونتابعها، ونعيشها فعلاً حقيقياً، ما يجعلنا نتساءل: بحق هل جرت هذه الروايات أم أنها محض خيال ؟‏

ويشط السؤال بنا بعيداً بعيداً، عن الامانات والربح الحلال وعدم الاستغلال، وتهل أمثلة كثيرة عن التجارة التي بارك الله بها، هل هي هذه التي نراها اليوم، أم تلك التي يقوم بها من بقلبه وضميره مشاعر الرحمة والانسانية، فلا يأكل لحم أخيه، لا حياً، ولاميتا، هل التجارة هي التي يقولون عنها شطارة، أي شطارة، أهي بتكديس المال الحرام ؟ أهي أن أذبح المشتري من الوريد إلى الوريد ؟كيف تغيرت القيم والمباديء، بل لماذا تغيرت وتبدلت، إن كانت كما رويت لنا وسمعناها بحكايات الخوالي ؟‏

على فرض أن نصفها هراء بهراء، هل يعني ذلك ان الخيال الشعبي يتوق لأن يكون مثل هؤلاء التجار موجودين على ارض الواقع، فكان ان اخترع القصص والحكايا، لعلها تصل إليهم (التجار ) وتدخل الرحمة قلوبهم، ليس الأمر أبعد من نسج خيال، فالفقر عبر التاريخ كان قاتلاً صامتاً ، اصحاب رؤوس المال هم من ينظر إليهم بعين الرضا، والاحترام والتقدير، ولكن مهلاً: هل التجار في بلدان العالم كله هكذا ؟‏

لا نظن أن وطناً ظهرت فيه حالات الاستغلال وعدم الرحمة كما هي عندنا، بالتأكيد لم ولن نعمم، لكن الاغلبية لم ترحم لم تشعر للحظة واحدة بشيء من التواد والتعاطف والرأفة، كلنا أكلنا لحم بعضنا بعضاً، الواقع اليومي يقدم بكل خطوة عشرات الأمثلة، الكل يشكو الغلاء وما يجره على الفقراء، والكل ينهش ما استطاع، من الحلقة الأصغر في التجارة إلى الأكبر في التوريد والتوزيع، والجميع صاروا يعرفون بسعر الصرف وقيمة الدولار، من بائع البقدونس، إلى من يخطر ببالك أو لايخطر، بضائع مكدسة بالمخازن، واستوردت بالدولار المدعوم بدمائنا وعرقنا، ومن يعنيهم الأمر نائمون في العسل، قصص تبدأ ولا تنتهي، إن دلت على شيء فإنما على عمق الهوة الاجتماعية، وعلى الفصام الذي نعيشه، إن لم نقل نفاقاً جماعياً، قد يكون المصطلح قاسيا، وحاداً لكن لابد منه، لا نرحم بعضنا بعضاً، ولا نعرف معنى أن نكون يداً واحدة، وفوق هذا وذاك يكاد البائع يذبحك وهو يقول لك: خلها علينا، بالله (خليها علينا ) أليس الرياء بحد ذاته ؟ كم أتوق للحظات شجاعة أن اتركها عليه، أمضي لكن ليكن المبلغ كبيراً، فماذا سيحصل ؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 641
القراءات: 645
القراءات: 670
القراءات: 563
القراءات: 582
القراءات: 656
القراءات: 705
القراءات: 675
القراءات: 548
القراءات: 751
القراءات: 634
القراءات: 625
القراءات: 610
القراءات: 632
القراءات: 616
القراءات: 567
القراءات: 686
القراءات: 591
القراءات: 657
القراءات: 635
القراءات: 699
القراءات: 668
القراءات: 689
القراءات: 607
القراءات: 658

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية