تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سوق السيارات وبهتان البريق

منطقة حرة
الثلاثاء 3-7-2012
مروان درّاج

من يجول في بعض صالات بيع السيارات الواقعة ضمن العاصمة أو الأحياء المحيطة بها ، سوف يخرج بانطباع أن هذه السوق باتت شبه مغلقة أو باردة جداً، وقد يصل الأمر ببعض هذه الوكالات والشركات أن تنتظر الزبون المحتمل على أحرّ من الجمر،

وغالباً لا يحالفها الحظ مع مغيب كل شمس في بيع سوى سيارة واحدة أو لا تبيع على الإطلاق، وتشير بعض التقديرات التي تتبع لمختصين ومتابعين لشؤون سوق السيارات إنه وعلى مدار نحو العام تراجعت المبيعات إلى أكثر من (90) بالمئة، فبعد أن كانت تقدر مبيعات السنوات الأخيرة بمئات مليارات الليرات، وصلت خلال عام 2011 فقط إلى نحو (30) مليار ليرة، وهذا التراجع غير المسبوق لا يعني فقط تراجع أو انحسار أرباح القائمين على هذه التجارة التي ازدهرت منذ سنوات قريبة، وإنما أيضاً تعرضها إلى فواتير غير عادية من الخسائر بسبب ما يلزمها من الإنفاق على طوابير طويلة من العمال والموظفين والضرائب والرسوم التي يتوجب تسديدها لخزينة الدولة إلى جانب تداعيات تآكل الرساميل الموظفة والتي تقدر في كل شركة أو وكالة بمليارات الليرات.‏

هذا الواقع الذي ليس بحاجة إلى براهين ، نجم عنه اضطرار بعض الشركات والوكالات إلى التخلي عن أعداد كبيرة من العاملين فيها والذين بالضرورة يقومون بإعالة عدد كبير من الأسر، وهذه الشركات قد تكون على حق ما دام أن أرباب العمل من القائمين على هذه السوق باتوا يسددون من جيوبهم نفقات تفوق قدراتهم المالية، كما أن الأمر لم يعد يتوقف فقط على ما شكّلته رواتب العمال من إرهاق مالي، وإنما هناك بعض الشركات تعرضت لخسائر ناجمة عن قيامها باستيراد أعداد كبيرة من السيارات الحديثة التي تعود إلى طرازات عامي 2011 و2012، وهي قامت بتسديد كل الرسوم الجمركية المتوجبة عليها، لكن وبسبب الأحداث الجارية والإحجام عن الشراء والتخوف من التعرض إلى استهدافات في بعض الأحياء والمناطق الساخنة بقيت هذه السيارات بلا زبائن، واليوم يسعى أمثال هؤلاء التجار إلى إعادة تصدير هذه السيارات سواء إلى بلد المنشأ أو إلى أسواق أخرى .‏

بغضِّ النظر عن مثل هذه التفاصيل المتعلقة بسوق الوكالات والشركات الخاصة، فإن واقع الحال في أسواق السيارات المستعملة ليست أفضل حالاً، وهي تكاد تكون نسخة مطابقة من حيث الجمود لسوق السيارات الحديثة، ذلك أن من يتوجه إلى سوق السيارات بقصد الشراء، يعلم مسبقاً أن السوق باردة جداً وأن الغالبية تتطلع إلى المبيع،اما بسبب غياب السيولة المالية والضائقة التي يعاني منها الغالبية أو بسبب التخوف من التعرض إلى حادث غير محسوب في بعض الأحياء الساخنة، وفي مواجهة هذه الحقيقة، فإن الزبون المحتمل في سوق السيارات المستعملة وانطلاقاً من معادلة العرض والطلب، فهو يسعى إلى شراء السيارة بأبخس الأثمان .‏

ولعل ما زاد الطين بلّة في جمود سوق السيارات الحديثة ليس فقط الأحداث الجارية، وإنما أيضاً انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار، فالأمر المعروف إنه ولمجرد حدوث التباين في أسعار الصرف، فذلك يعني أن أسعار السيارات سوف تشهد المزيد من الارتفاع، وحدوث أي تبدل في الأسعار يأتي وباستمرار على حساب المستهلك، فالوكيل أو التاجر يقوم بالتسعير وفقاً لسعر صرف الدولار في السوق المحلية، وفي حال ارتفاع الرسوم والضرائب الجمركية أيضاً يقوم بإضافة هذه المبالغ إلى النفقات التي كان قد تكبّدها، لكن وبالرغم من هذا السبب الجوهري الذي نجم عنه تزايد جمود السوق، فإن من بين الأسباب الأخرى التي لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها ما يتعلق بالإجراء الذي أقدمت على اتخاذه المصارف العامة والتي تقضي بوقف منح القروض لكل الزبائن دون استثناء، والمعروف أن نسبة عالية جداً من الذين يقومون بشراء السيارات الحديثة يعتمدون بالدرجة الأولى على ما تمنحه المصارف من قروض، وقد تكون هذه المصارف على حق مادام أن هناك أولويات في صرف ما يعود إلى خزينة الدولة في ظل الظروف الاستثنائية التي يواجهها اقتصادنا، حتى البنوك والمصارف الخاصة كانت قد اضطرت إلى وضع شروط صعبة للحصول على قروض، إذ من غير الممكن منح قروض السيارات دون الحصول على ضمانات مؤكدة من إمكان تسديدها من المقترض المفترض,... وبهذه الحالة فإن الجميع كان متضرراً، بدءاً من الزبون مروراً بالشركات والوكلاء والتجار وليس انتهاء بخزينة الدولة , والكل يأمل ويتطلع إلى انفراج قريب في هذه السوق التي فقدت بريقها.‏

marwandj@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 931
القراءات: 889
القراءات: 900
القراءات: 867
القراءات: 803
القراءات: 882
القراءات: 1107
القراءات: 875
القراءات: 889
القراءات: 1004
القراءات: 811
القراءات: 872
القراءات: 852
القراءات: 920
القراءات: 1010
القراءات: 1484
القراءات: 947
القراءات: 864
القراءات: 972
القراءات: 962
القراءات: 1042
القراءات: 1007
القراءات: 1067
القراءات: 1137
القراءات: 1029

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية