, فالمعلومات الرسمية التي يجري تداولها وموثقة بالكتب والمراسلات الرسمية تؤكد أن عددا من الشركات وما تملكه من أراض في محافظة اللاذقية سوف يجري تحويلها إلى مقاسم سكنية يتم بيعها للراغبين بالشراء من تجار العقارات , ..بكل بساطة , هذه هي نهاية شركات كانت وعلى مدار عقود تشكل علامة فارقة ومميزة في جسد الاقتصاد الوطني ..والسؤال المفترض والذي أطلق غير مرة من جانب المهتمين والغيارى : ..هل هذا هو الخيار الأنجع ..ولماذا لم تبذل الحكومات المتعاقبة جهودا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. وبلغة أدق : هل حاولت وقدمت الحلول ومن ثم وصلت الجهود إلى جدار مسدود ؟!
قبل الإجابة على هذا السؤال , يتعين التذكير , أن الشركات المتوقفة عن العمل والإنتاج والتي ستتحول إلى مشروعات سكنية , هي , شركة الأخشاب وشركة الألمنيوم وشركة المحركات , ومن المعروف أن هذه الأخيرة تقوم بتشغيل أكثر من ألفي عامل وموظف , أي أنها توفر فرص العمل لأكثر من ألفي عائلة , وفي هذا الكلام لا نعني , أن أرباب هذه العائلات سوف ينضمون إلى طوابير البطالة, وإنما ما نعنيه أن هناك كفاءات وخبرات سوف تهجر عملها إلى مؤسسات وشركات أخرى في القطاع العام , وقد لا يستفاد منها نهائيا وتنضم إلى البطالة المقنعة التي يفترض العمل على انحسارها بدلا من تفاقمها , وأشد ما يحزن في هذه الشركات التي تم نعيها رسميا منذ سنوات , أنها أصبحت من الماضي وليس هناك ما يبشر في إمكان إقناع القائمين على وزارة الصناعة في العدول أو التراجع عن هذا الرأي .
والأمر الذي جعل بعض المتابعين يشعرون بكثير من الدهشة في الوصول إلى ما وصلت إليه شركات الأخشاب والمحركات والألمنيوم في اللاذقية ، أنّ المشكلة لا تتعلق في إمكان إصلاح شركة أو اثنتين، وإنما هناك قائمة يزيد عددها عن (25) شركة على أقل تقدير، ويكفي التذكير، أنه وقبل ما يزيد على العامين ، كانت وزارة الصناعة قد أعلنت عن وقف العمل في (17) شركة دفعة واحدة , وهي لم تبادر باتخاذ قرارها من خلف الكواليس أو بشيء من السرية من أجل الحفاظ على ماء الوجه، وإنما أصدرت قراراً معلناً يقضي بتشكيل اللجان الفنية من جانب كل شركة بهدف جرد الموجودات الثابتة والمخازين وتقييمها بالقيمتين الدفترية والفعلية..، وكان الأجدى بها – برأي البعض – أن تعلن عن خطة واقعية وقابلة لإصلاح ما يمكن إصلاحه من الشركات ، إذ بمقدورها على سبيل المثال، أن تعمل على تحديد فترة زمنية تقدر بعامين أو ثلاثة لإعادة تأهيل الشركات خطوة خطوة، ويمكن أن تكون المحطة الأولى بالشركات التي تتبع لمؤسسة (غذائية) على أن تعقبها شركات مؤسسة الصناعات الهندسية، ومن ثمَّ الانتقال إلى (الكيماوية) وسواها من شركات ومعامل المؤسسات الأخرى .
ثمة من تأخذه الغيرة على هذه الشركات ويصر على إمكان إصلاحها وتحقيق فواتير غير عادية من الأرباح , وهذا الرهان ليس مستحيلا في حال كانت النيات جادة في العمل , فالشركات التي سوف يجري بيع أراضيها في محافظة اللاذقية وتحويل أثمانها إلى صندوق إصلاح القطاع العام الصناعي تعتبر الشركات الصناعية الوحيدة في المحافظة , وهناك من يشير أنه لو تم فقط استبدال اختصاص عملها باختصاصات أخرى لأمكن إنقاذها بسهولة , على سبيل المثال لا الحصر, فان المحافظات الساحلية تملك فائضا كبيرا من الحمضيات والزيتون , وكان بمقدور وزارة الصناعة تحويل هذه الشركات لإنتاج العصائر من الحمضيات والزيوت من الزيتون أو العمل على تصنيع وحفظ هذه المنتجات معلبة مثلما تفعل الشركات الخاصة في السوق المحلية أو الخارجية , والتحول إلى هذه الصناعات ليس أمرا صعبا ما دام أن المعامل جاهزة والخبرات والكفاءات تفوق حدود الخيال والمواد الأولية متوفرة بكميات نحسد عليها وبجودة ربما قل مثيلها في الوطن العربي ..لكن للأسف ما ينقصنا النيات الجادة للعمل وليس الاستمرار في تصدير اللغو الجميل والوعود تلو الوعود .
marwandj@hotmail.com