وهاهو وزير خارجية هذه الحكومة افيغدور ليبرمان يؤكد هذه الحقيقة بتصريحاته التي يرفض فيها كل ما تم التوصل اليه عبر محادثات السلام من مؤتمر مدريد حتى انا بوليس, لينتهي اخيرا الى مطالبة اميركا والغرب بعدم التدخل في السياسة الاسرائيلية ردا على تأييد اوباما ودول الغرب لفكرة حل الدولتين , وكأن الصراع العربي الاسرائيلي مسألة تتعلق باسرائيل وحدها ولا علاقة للعرب والغرب واميركا بحلها.
والسؤال هنا هو: اذا كانت حكومة اليمين الاسرائيلي ستجعل السلام اكثر صعوبة , وبدأت بالفعل تظهر رفضها لمبادئ السلام واي موقف اميركي واوروبي يؤيد حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس, فكيف يمكن حمل حكومة نتنياهو على تغيير موقفها لجعل السلام سهلا ...؟
قد ترى اميركا ويوافقها البعض في ان الحوار مع حكومة نتنياهو وسيلة ممكنة لتليين مواقفها, لكن ما يجب الا يغيب عن الذهن هنا ان الحوار مع من يسيء استغلاله ويرفض السلام بالمطلق يصبح كحوار الطرشان ومضيعة للوقت وفرصة تستغلها هذه الحكومة لتنفيذ المزيد من مشاريع الاستيطان والتهويد وتوسيع سياسات القمع والحصار والتهجير وصولا الى واقع جديد تشترط على العرب والفلسطينيين الاعتراف به في أي تسوية تطرح مستقبلاً اذا ارادوا السلام معها.
ولئلا تتمكن اسرائيل من ممارسة هذا الاستغلال البشع للرغبة العربية والدولية لحل الصراع وتتعامل مع الحوار فرصة جديدة لكسب الوقت, فتدفن عملية السلام وتعيد الصراع الى المربع الاول, يتعين على الولايات المتحدة الاميركية بوصفها مصدر الدعم الذي شكل عامل تشجيع لاسرائيل على رفضها للسلام , وبوصفها الراعي الاساسي لعملية السلام , ان تأخذ المبادرة بتحرك مختلف هذه المرة يتماشى مع سياسة التغيير التي بشر بها اوباما ويستند اساسا الى ممارسة ضغط ملموس على حكومة نتنياهو يفهمها ان السلام مصلحة اميركية وغربية ودولية , وان سياسة التعنت والمكابرة اصبحت من الماضي , وان الخيار الوحيد امامها هو الانصياع لارادة السلام والاستجابة لكل متطلبات تحقيقه.