إذاً هو تقصير أو تباطؤ في معالجة هذه المشكلة والتي نأمل أن لا تتحول إلى كارثة..
الحكومة تعلم تماماً ماذا تعني مادة الدجاج سواء لجهة اللحم الأبيض أو إنتاج البيض مع القيمة الغذائية الكبيرة التي توفرها هذه المادة، والخطر الذي يحدق حالياً يكاد يصل مرحلة الكارثة بجانبيها الاقتصادي والاجتماعي والأرقام التالية تدل على مكمن الخطورة.
عدد المداجن المرخصة وغير المرخصة للحم والبيض يتجاوز عشر آلاف مدجنة وكل مدجنة تحتاج خمسة عمال فهذا يعني أن عدد العاملين فيها يتجاوز 500 ألف عامل ويضاف لهم عائلاتهم..
ولكن إذا أردنا معرفة الخطر الحقيقي (الاجتماعي) فإننا ندركه من خلال معرفة عدد العاملين في قطاع الدواجن بين أطباء بيطريين ومهندسين زراعيين وفنيين وعمال في شركات النقل ومعامل الأعلاف والأدوية البيطرية ومنافذ البيع والمسالخ الذي يتجاوز 15٪ من قوة العمل في سورية!..
وحسب المعلومات المتوفرة حالياً فإن نصف العاملين في تربية لحم الفروج خرج من التربية وحوالى 35٪ من العاملين في تربية الفروج البياض توقفوا عن العمل، فهل تعلمون مدى خطورة هذا التوقف؟
يعني أن جيشاً من العاطلين عن العمل سيضاف إلى الموجودين سابقاً، والوضع بالتأكيد لا يحتمل..
وعند الدخول في الجانب الاقتصادي نرى أن صادرات سورية من البيض خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي اقترب من مليوني صندوق أي ما قيمته أكثر من مليارين ونصف الميار ليرة وهي أكبر قيمة من الصادرات الغذائية!..
فهل نعلم حجم الخسارة الاقتصادية إذا تغافلنا عن هذا القطاع؟..
لن ندخل في متاهة خروج المربين من مداجنهم وأولها الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها نتيجة انخفاض الأسعار وارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة الضميمة وآخرها الضريبة المالية ويضاف لها الأسباب غير المباشرة والعوامل المختلفة، ندرك تماماً أن ما يراد لهذا القطاع له ارتباطات بمصالح تجار أو أشخاص ما..
تدخل منشآت الدواجن العامة ومؤسسة الخزن تحل جزءاً بسيطاً من المشكلة الاجتماعية المتمثلة بعدم ارتفاع أسعار البيع للمستهلك إلى أرقام فلكية، مع أنها اقتربت منها، لكنها لا تساهم بمعالجة الحالة الاجتماعية للمنتجين، وهي أكثر أهمية من مجتمع المستهلكين، فالمربون معظمهم من صغار الكسبة.
سورية الدولة العربية الأولى في الاكتفاء الذاتي من مادتي البيض ولحم الفروج وهي الرابعة عربياً في الإنتاج وفي تصدير البيض، والعالمون بالشأن الاقتصادي يعرفون أهمية هذه المعلومات، ولكن يبدو أن أيادي خفية لها مصالح ضيقة تريد العبث بقطاع الدواجن لمصلحة بعض التجار الذين يرغبون بهذا الخلل باستيراد لحم الفروج وبالتالي الإضرار بهذه الصناعة الوطنية التي تعمل الدولة على تنميتها منذ سبعينيات القرن الماضي..!
الحل ببساطة يكمن بزيادة أماكن البيع المباشر بعيداً عن حلقات الوساطة، وإلغاء النفقات الأخرى التي تدخل الخزينة، وبهذا نحقق الدعم والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لهذا الشريحة علماً أن إنهاء الأزمة اليوم يحتاج شهرين لعودة الاستقرار للفروج..