تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطف خلفاً

معاً على الطريق
الخميس 28-7-2011
عبد النبي حجازي

في المصطلحات الأدبية والفنية ترجمت عبارة (flash0back) إلى (الخطف خلفاً) وأحياناً (التداعي) وهي قطع السياق والعودة إلى حدث سابق يغني السياق ويوضحه.

بعد غزو العراق 2003 توقف قطار الذكريات ولم نعد نرى زملاءنا العراقيين الذين كانوا يتواردون إلى دمشق، ولكم كانوا يحبونها وكنا نلتقي بهم في المقاهي والمطاعم واتحاد الكتاب العرب كجمعة اللامي.. وخارج سورية في المؤتمرات والندوات الأدبية كعبد الرحمن مجيد الربيعي وطراد القبيسي. ولعلّ الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري آخر الشعراء الكلاسيكيين العرب الذي عاش مشرداً بين عدد من الدول العربية ودول أوروبا الشرقية أثناء العهد الملكي كان أكثرهم ولعاً بدمشق ولنعد إلى العام 1956 حين ألقى قصيدة تأبين بمناسبة ذكرى استشهاد عدنان المالكي ومما قاله فيها:‏

خلفت غاشية الخنوع ورائي‏

وأتيت أقبس جمرة الشهداء‏

خلفتها وأتيت يعتصر الأسى‏

قلبي وينتصب الكفاح إزائي‏

وفي نهاية السبعينيات بعد انقلاب صدام حسين أقام في دمشق محاطاً بالحفاوة والترحيب.‏

كان الدكتور محسن جاسم الموسوي يزورني في مكتبي وهو روائي وناقد أدبي وعميد كلية الآداب في جامعة بغداد ووجه لي دعوة مفتوحة لزيارة العراق وإلقاء محاضرة عن تجربتي الروائية في كلية الآداب، فكم أسعدتني هذه الدعوة لأرى بغداد بلد هارون الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم، كانت الدعوة في العاشر من تموز 1979 على أن تكون الزيارة في أواخر الشهر نفسه، وفي السادس عشر من تموز قام صدام حسين بانقلاب أطاح فيه بأحمد حسن البكر وقام بمقاطعة صارمة مع سورية وألغيت الزيارة فأحسست بغصة وانقطعت عني أخبار محسن الموسوي حتى رأيت على إحدى الشاشات العربية مقابلة مع رجل خط الشيب رأسه وضاقت عيناه خلف النظارة قلت في نفسي.. هذا الرجل ليس غريباً عني حتى أعلن المذيع أنه الدكتور محسن جاسم الموسوي أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأميركية التي نهبت ما استطاعت من آثار العراق وخبراته العلمية والثقافية وتنازعتني مشاعر الشوق المهدور والأسف على هذا الرجل.‏

في التسعينيات كان يزورني في مكتبي بهيئة الإذاعة والتلفزيون بين حين وآخر لاجئ سياسي عراقي مهذب، بل شديد التهذيب قليل الكلام وكان يقول لي: لا تهتم لحضوري تابع عملك، وكل ماعرفته عنه أن اسمه (حسن علوي) وأنه كاتب وأنه كان مسؤولاً إعلامياً في العراق وأن صدام غضب عليه فلجأ إلى سورية، والحقيقة أن زحمة العمل لم تكن تفسح لي المجال أن أتباسط معه في الحديث رغم أنني كنت أستقبله وأودعه بحفاوة واحترام.‏

بعد غزو العراق انقطعت أخباره عني حتى رأيته على إحدى الشاشات العربية في مقابلة مطولة أجريت معه وإذا به مفكر كبير وله عدد من الدراسات المعروفة وأنه مناضل ضد الطائفية، مناضل بصرامة رافض لقب (سيد) الذي ورثه عن عائلته التي تمتاز بالعلم رغم أنها فقيرة. والحقيقة أنني في تعاملي معه كنت أشعر أنه رجل متواضع وليس كما يبدو لنا، لكن الغربة كما يقال (مضيعة للأصول).‏

anhijazi@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2147
القراءات: 1086
القراءات: 1095
القراءات: 1083
القراءات: 1286
القراءات: 1111
القراءات: 1046
القراءات: 1332
القراءات: 1299
القراءات: 1151
القراءات: 1681
القراءات: 1208
القراءات: 1770
القراءات: 1250
القراءات: 1205
القراءات: 1306
القراءات: 1245
القراءات: 1328
القراءات: 1311
القراءات: 1322
القراءات: 1538
القراءات: 1696
القراءات: 1484
القراءات: 1402
القراءات: 1833

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية