مهما كانت أعداده، فالبناء المخالف الذي استشرى بكثرة خلال فترة الأحداث أصبح واقعا يضاف إلى ما سبقه من مخالفات خلال العقود الماضية، التي غيبت فيها المخططات التنظيمية لمصلحة بعض الفاسدين..
العقارات المخالفة يمكن أن نبحث لها عن شفاعة لو كانت ضمن احتياجات أسرة ازداد عدد أبنائها فبحثوا عن توسعة ببناء غرفة أو اثنتين، أو تزوج أحد الأبناء ولضيق الحال لم يجد مسكنا مستقلا، فبنى دورا إضافيا يستتر فيه مع عائلته الجديدة.
لكن المخالفات الجديدة تحول بعضها، بل معظمها، إلى عمل تجاري يتنافس فيه متعهدوا المخالفات، فنهضت الطوابق في ساعات، وأنشئت المحال التجارية أمام مرأى رجال البلدية وشرطتهم..!
لن نسوق اتهامات لأحد، ولكن ما يشاع عن قرب حدوث تسوية للمخالفات أمر مفزع، لأنه تشريع لهذا السرطان، فالعقارات المخالفة معظمها تم بيعه لمالكين جدد يستخدمونها الآن، وهؤلاء المالكين هم الذين سيدفعون قيمة التسوية، أما تجار العقار المخالف فقد ضربوا ضربتهم ووضعوا المال في جيوبهم وانسحبوا من الواجهة، تاركين القاطنين حاليا يواجهون احتمالات غير سارة سواء لجهة تسوية وضع المخالفات ماليا، أو لجهة تسوية المخالفات مع الأرض بإزالتها، وبالتالي يكون المستخدم الحالي أكبر الخاسرين فهو سدد ثمن العقار للتاجر، وهاهو مطلوب منه تسديد ثمنه للدولة، أو إزالته وبالتالي خسارة ثمنه، أي كل ما يملك..
الحلول الحكومية في معظم الأحيان تأتي على حساب البعض، وهؤلاء يكونون في الغالب أقل المستفيدين، أما ( الهوامير ) فيكونوا خارج أي إجراءات، لأن المطالبات تأتي بعد خروجهم من الساحة..
وهنا نقول: إذا أرادت الحكومة إجراء تسويات كما يشاع للمخالفات الجديدة أو القديمة فالأولى أن تتم هذه المطالبات من المتعهد، تاجر البناء الذي أقدم على هذه الخطوة رغم معرفته بأنها مخالفة، وليس تصيد الموجود حاليا بحجة أنه لا يمكن الوصول إلى التاجر أو مطالبته، لعدم وجود قيود له سواء كتراخيص لشركة، أو تسجيل في نقابة، ولهذا أعتقد أنه من الضروري البدء بالتفكير الجاد لوضع تشريع يرخص لتأسيس شركات خاصة للعقارات المخالفة يعمل بموجب ضوابط محددة، وتستوفى منه رسوم وضرائب ويراقب عمله لإزالة الأخطار عن المبنى سواء للأشخاص القاطنين لاحقا، أو للعمال الذين يقومون بإنشائه خلال فترة قياسية، حيث نجد بناء الطابق الثاني والثالث يتم قبل أن يجف المجبول الإسمنتي لسطح وأعمدة الطابق الأول..
وهذه الدعوة جادة لأن العقارات التي يفترض أن تقوم ببنائها شركات التطوير العقاري التي نحتفل بوجودها منذ ثلاث سنوات تقريبا، لم نشهد إلى الآن أي وجود لها على الأرض سوى التصريحات الإعلامية والمشاركة في الندوات والمؤتمرات، حتى أنها لم تبن أي مجمع سكني لأصحاب الدخل المتوسط أو المحدود، ولا حتى فللا للأثرياء، بينما استطاع تجار العقار المخالف ودون تراخيص وموافقات وحتى دون توفر المال بناء مئات آلاف العقارات المناسبة لأصحاب الدخل المحدود، وهذا يعني استيلائهم على الأراضي الشاغرة التي كان يمكن أن تصبح مجمعا سكنيا أو تجاريا مرخصا ونظاميا..
ولهذا نقول للشركات المرخصة والشركات الحكومية: إن المواطن لن ينتظر تصريحاتكم وجدالكم ومطالبكم التي لا تنتهي، المواطن يريد مسكنا يستقر به، وإذا بقيتم تطالبون بالتسهيلات والأراضي دون أي خطوة تجاه إيجاد البناء، فأعتقد أن تجار المخالفات سيسبقونكم ويأخذون الأموال المتوفرة عند هذه الشريحة، فالسوق النظامية خسرت خلال ستة أشهر مليون أو مئات الآلاف من زبائن كانوا محتملين للسوق النظامي، ولهذا تعالوا نرخص شركات للعقار المخالف لأنهم أكثر ديناميكية، وأقل جدلا ومطالبة..!
w.moneer@hotmail.com