تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المشتكون لمن لايسمع

المهماز
الأحد 9/9/2007
الكاتب الكبير زكريا تامر

كلّ ما يدبّ على سطح الأرض العربية يشتكي بصوت خفيض أو بصوت عال:

يشتكي سكان المقابر من أحياء يحسدون الموتى بحجة أن القبر لا يحتاج إلى كهرباء وماء, ولا يضيره انقطاعهما..‏

يشتكي الموظفون من ضآلة الراتب وغلاء أسعار البيوت والقبور..‏

يشتكي الطلاب من دروس جوفاء مملة تتباهى بغباوتها وابتعادها عن نار الحياة..‏

يشتكي المدرسون من غرور تلاميذ يعتقدون أن الإنسان يخرج من بطن أمه مثقفاً والمدارس لم تنشأ إلا لتوزيع الرواتب على المعلمين..‏

يشتكي الباعة من زبائن ينظرون إليهم بوصفهم لصوصاً غير معتقلين..‏

يشتكي الرجال من زوجات يعرفن ما لهن ويتجاهلن ما عليهن, ويشتكون من نساء لا يرتجفن رعباً من الشوارب ومقتنيها زاعمات أنها مجرد شعر طفيلي يعوزه التهذيب..‏

تشتكي النساء من رجال أجلاف لم يتنبهوا بعد إلى أن عهد الرجال السلاطين قد ولى بغير رجعة, ويشتكين من رجال جوف كلما حاولوا التطور لم يظفروا إلا بتحقيق الاتحاد بين التفاهة والسخافة والسماجة..‏

يشتكي رجال الشرطة همساً, فهم مطالبون باعتقال اللص الصغير وتجاهل اللص الكبير..‏

يشتكي الأدباء من كلمات ماكرة مراوغة غادرة لا يحلو لها الفرار والاختفاء إلا لحظة تُطلب وتُنادى..‏

يشتكي الأطباء من مرضى يريدون أن يعيشوا مليون سنة..‏

يشتكي المرضى من أطباء ينظرون إليهم على أنهم حقائب ملأى بالمال..‏

تشتكي القطط من أناس يتسللون إلى أكوام القمامة ولا يتركون لها ما يصلح لأن يُلعق..‏

تشتكي السيارات من طرق وعرة ملأى بالحفر كأنها طرق مصممة لمواجهة عدو وصدّ غزو واجتياح..‏

تشتكي الطيور من صيادين قساة يتوهمون أنهم ليسوا فرائس.‏

يشتكي المرتشون من راشين بخلاء يساومون المساومات المضجرة ويفقدون الرشوة عفويتها وبراءتها وبهجتها..‏

يشتكي القمر من مصابيح كهربائية تحظى أضواؤها بالتقدير ويدفع لها أغلى ثمن.. يشتكي اللصوص الشكاوى المرّة, فالبيوت المكتظة بما يسرق محروسة جيداً بينما البيوت غير المحروسة ليس فيها ما يصلح لأن تمسه يد..‏

تشتكي الكلاب ممن تفوقوا عليها في النباح والعض..‏

تشتكي البرلمانات من خطب مجعجعة تثير غباراً ولا توصل العطشان إلى نبع ماء.. تشتكي الأشجار الخضر من مناشير وفؤوس غامضة تلاحقها بغير هوادة وكلما زُرعت شجرة قُطعت مئة شجرة..‏

يشتكي المزارعون من أرض تبدلت طبائعها, ولم تعد تستسيغ ماء المطر والأنهار, وتطلب الدماء بإلحاح, فلا يهمل طلبها, وتنال ما تطلبه..‏

تشتكي النجوم من رؤوس مطأطئة من المهد إلى اللحد..‏

تشتكي الآذان من غناء يغري سامعيه بالجري إلى المقابر وانتظار مفرق الجماعات..‏

يشتكي الليل من شعراء يكتبون عنه شعراً ركيكاً يُرغم الأدب على التواري عن الأنظار خجلاً..‏

تشتكي الطبول من طبول بشرية تحظى بالتبجيل كأنها الاسهام العربي في الحضارة العالمية..‏

يشتكي الخجل من مغنيات يعتقدن أن الصوت لا يُطرب إلا إذا رافقه طرد شرس للثياب..‏

تشتكي الراقصات من دببة ترقص في المجالات السياسية وتنهمر عليها الثروات وأوسمة المحررين..‏

تشتكي العقارب من عقارب بشرية تلسع باسم حرية التعبير وضرورة احترام الرأي الآخر..‏

يشتكي لاعبو كرة القدم من جوائز نوبل التي تتجاهل وجودهم وإبداعهم ولم تمنح بعد لأي لاعب..‏

يشتكي الناشرون من مواطنين يموتون من دون أن تلمس أيديهم كتاباً..‏

تشتكي الكتب من ظلم تعانيه وتعجز عن محوه, فكل الفئران في كل أرجاء الأرض تقرض الكتب ممتنة شاكرة ماعدا الفئران العربية, فهي تفضل الموت جوعاً, وترفض الدنو من كتاب..‏

تشتكي الجدران من الذين لا يشتكون مؤمنةً بأن الحي هو الذي يشتكي بينما الميت هو العاجز عن الشكوى, فالكل يشتكي من دون أن يحدث أي تغيير كأن الشكاوى موجهة إلى من تعوّدوا ألا يسمعوا على الرغم من كونهم ليسوا صمّاً.‏

حين تكون الخيول الأصيلة هزيلة مريضة جائعة مكبلة بالأغلال, فلا دور لأي مهماز.‏

***‏

مهماز هذا الاسبوع هو آخر مهماز, والكاتب إذ يشكر لقرائه دعمهم يأمل في العودة إليهم الأسبوع القادم في زاوية جديدة.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 08/09/2007 23:35

آخر مهماز كأول مهمازومابينهما على منوالهما, فكل مهماز صور تركيبية في السلبية تتكرر في سرد المواجع من دون أفق لإصلاح أو تغيير,ومن غير إشارة لابتكار أو تجديد, ولو جعلنا آخر مهماز في أول مهماز لماتغير في السرد النمطي الرتيب أي شيئ مفيد, إنما قدرة الكاتب الكبيرة مع الخبرة الطويلة تجعلني أتفاءل بأن الزاوية الجديدة بدءا من الأسبوع القادم قد تحمل شيئا جديدا يشد القارىء الموضوعي لها.

أم كنان |    | 09/09/2007 12:34

كل الشكر والتقدير لك ايها الكاتب الرائع المتفرد بأسلوب رشيق و كلمات ساحرة .... حقا إن الكلمة قد فقدت قيمتها ومعناها وشرفها بعد أن كانت تكتب من ماء من ذهب في العصر الجاهلي .... دمت بخير وللخير

مشتكية  |    | 09/09/2007 14:04

أشكو الكاتب الكبير زكريا تامر لأنه يكتب لنا دائما ما يبكينا ويفرحنا ولأنه جعل لنا عادة تعتبر سيئة في هذه الأيام ألا وهي القراءة

ابو احمد  |  adnan.t69@hotmail.com | 10/09/2007 08:22

مشكور على كل جديد تقدمه اناملك الجميلة دائما تظهر ما وراء الستار دمت بود

ررررررر |  rrrr@hotmail .com | 10/09/2007 22:16

على شو بنى نبكي على رمضان ولا على فتوح المدارس ولا على تجهيز المونة ولاعلى اشاعة الحكومة رفع الدعم او على سعر كيلو البطاطة والبصل والخيار يلي اسعارها نار والحكومة بتسيطر والدردري بنظر حاجة مابدتنظير

بسام العسلي |  bsamass@lycos.com | 11/09/2007 02:36

كل مهماز يختلف عن المهماز الآخر لأنه يحمل في طياته لوحات قديمة - جديدة بنفس الوقت ... يحسبه الجاهل أنه متشابه من كثرة الصور والتراكيب الفريدة لكن كل مهماز يحمل لنا معان جديدة ولوحات جديدة تعكس حياتنا المعيشية التي نعيشها رغما عنا لأنها قدرنا و قدرن اليوم ا أن نحلم ونأمل بالتغيير .... كما قال الرائع سعد الله ونوس نحن محكومون يالامل .... مع خالص مودتي وتقديري

hala |    | 11/09/2007 02:53

تذكرني كتابات الكاتب زكريا تامر بأشعار الرائع نزار قباني ... كل من يقرأ شعره يعتقد أنه يعرف أن يكتب مثله تماما بل أفضل منه ... وعندما يريد أن يكتب فعلا لا يستطيع ... فشعر نزار قباني من السهل الممتنع وهذا يحتاج الى الموهبة فلا يستطيع أي إنسان أن يكون مبدعا ..... إلا بشروط وهذه الشروط لاتتوافر وتجنمع إلا لأشخاص يملكون خصوصيات معينة كأن يمتلكون موهبة خاصة و حس مرهف و يتعبون على ذاتهم ويخلصون في عملهم ويقدرون عمل الآخرين .... وشكرا لكم جميعا

سمير / دمشق |    | 11/09/2007 12:51

شكرا للكاتب المبدع على هذه الخطوة الجديدة وعلى هذا الخبر والهدية القيمة , لاننا دائما مع التجديد بحيث يكون مفيد وبنّاء , وايضا الشكر لجريدة الثورة الواسعة الانتشار وايضا الشكر للقائمين عليها فهي تعبتر من الجرائد الرائدة التي تصدر من وطننا الحبيب . فقد تعودت على إلتقاط هذه الجريدة القيّمة كل صباح عند ذهابي الى العمل .

أبو طارق |  nizab7@hotmail.com | 12/09/2007 06:54

لله درك أيها الكاتب العربي الفذ ،إنك صوت الانسان المقهور على إمتداد هذا الوطن الكبير ، حيث يبسط الوهم سلطانه فيعيش انساننا معلقا بين السماء والارض ، حالما بحور العيون وجداول الدبس ! إهمز أيها البارق في ظلمات حاضرنا التعب، فقد توقظ فينا عنفوانا ضاع في زحمة يومنا السقيم.

alshami |  alshamiuae@yahoo.com | 12/09/2007 11:11

السيد الكاتب العظيم اناشدك من الغربة لا اريد منك حل لمشكلتي بل اريد ان ترشدني على الحل لدي مشكلة كبيرة اعاني منها باختصار انا عربي سوري مقيم خارج سوريا مقتدر ماديا , هل هذا يمنعني من العيش بامان انا وعائلتي هناك في بلدي الحبيب عصابة تقوم بابتزازي لدفع مبالغ مادية كبيرة لكي يكفو عن ايذاء عائلتي حيث قامو باعمال اجرامية لإيذائهم وفعلا قمت بدفع الاتاوة لكي يتركوهم ولكن لغاية هذا اليوم لم يكفو عن ذلك , ومع العلم بان اناس لهم نفوذهم في البلد يقومون بحماية تلك العصابة فماذا افعل ماذا اتصرف راسلت جميع المعنيين بالامر بدون جدوى ماذا افعل اناشد كل من يقرا رسالتي ان يساعدني على الحل ماذا افعل

fuady |  fuady2007@hotmail.com | 14/09/2007 09:55

ممن تشتكي الجدران؟ من الذين لايشتكون أم من الذين لايريدون سماع الشكوى؟ مع العلم أن الكاتب الفاضل نوه بأن الكل يشتكي!!!!!!!

hala |    | 19/09/2007 00:23

نعم حتى الجدران تشتكي لأن لها آذان صاغية .... ولأنها تشعر بالآخرين أكثر مما يشعر بهم من أبناء جلدتهم ولكن الجدران للأسف لاتستطيع الكلام . .....

مشتكي |    | 19/09/2007 00:34

أنا أشكو من الذين أعرض عليهم مشكلتي فيوهموني بأنهم قد فهموا كل شيء وأنني فعلا أنا مظلوم وهم الذين سيأخذون بيدي ويوعدونني بالمساعدة وعدا قاطعا ... ثم أنتظر وأنتظر .... وإذ بي أنتظر سرابا ووهما وهموما جديدة ومعاناة أطول .... يأخذونني الى البحر ويرمونني ويعودون الى سهراتهم وفرحهم ونفاقهم ........

Abo Khaled |  terter5000sa@yahoo.com | 21/09/2007 00:10

عودنا كاتبنا الكبير من خلال دقة نظرة الثاقبة بفلسفة الأوضاع التي يعيشها المواطن ولعبة الجزرة والحمار فمتى نصل الى مانصبو الية من أحلام اليقظة .... !!! ؟ ؟ ؟

عادل البعيني |  adela00961@yahoo.com | 25/09/2007 12:46

يشتكي القراء بأنّ هذا آخر مهماز والوضع في البلاد يحتاج لملايين المهاميز يشتكي المهماز بسبب كثرة استعماله أصبح مفلطحا وغير قابل للهمز. يشتكي المهموز بأنّ كثرة الهمز تميّع المهاميز. وتلغي تأثيرها. وتجعله يطنّش عنها. ويشتكي المهموز أيضا عندما يتوقف عن الهمز لأنّه اعتاد على الهمز وأصبح وسيلة عنده للتلذذ.

إيمان |    | 25/09/2007 14:13

الى الاخ أبو خالد : نصل الى مانصبو إليه عندما نتغير نحن من الداخل وقد قال الله تعالى إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأفنسهم و إلا ستبقى أمانينا أضغاث أحلام .... وشكرا

خالد  |  xalitnemir@yahoo.com  | 26/09/2007 07:34

وانا أحلامي تشتكي لأنها يوماً بعد يوم تصغر أو تنقص وتتبخر مع المتبخرين أشتكي الشكوى أشتكى إلي صوت فيروز وأرصفة ماغوط اليتيمة اشتكي إلى حزن السيّاب وتمرّد أدونيس أشتكي إليك يا ذكريا تامر أني لا اشتكي إلا ليلا ً .

أيهم |    | 26/09/2007 14:35

تحية طيبة أرجو المعذرة من الأخت إيمان بتصحيح الآية القرآنية مع أن الخطأ مطبعي ولكنها آية كريمة قال الله تعالى إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ... وشكرا لكم

roba |  roba1975@aloola.sy | 02/10/2007 20:45

تحية للأستاذ زكريا لطالما تساءلت ماذا بعد الحب , ماذا يقع خلف الجبال ,أنهر أم أشجار أم صحراء ؟

سائر |  saerdway@yahoo.com | 04/10/2007 09:47

برأيك ماذا سيكون بعد بعد الكلام عن الحياة وبعد التطبيق عن الكلام وبعد الناس عن التطبيق وبعد الضمير عن الناس وبعد المال عن الضمير وبعد المال عن الشعب.....إلخ........

حدد |  a65kr@yahoo | 09/10/2007 11:26

لماذا الشكوى ومن يسمع اذا اشتكيت

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 12/10/2007 16:50

إلى كاتبنا الأستاذ زكريا تامر : كل عيد وأنتم بحمى الرحمن ,وأنتم بخير وأمن وأمان , وبصحة وعافية وعمر مديد بإذنه تعالى.

مسعف الموسى |  msaf_mosa@yahoo.co.uk  | 13/10/2007 21:26

الشكوى الي بدي أقدمها ما أعرف من وين بدي أبدأ بس الشوى بخصوص مديرية التربية في محافظة الرقة هل من مساعد أو منجي لهذه المحافظة من هذه المديرية التي قال أحد الباحثين من محافظة الرقة لمدير الترية عندما حصل بينهم نقاش أنه ( أنت مدير تربية بلا تربية ) وااااااااااااااااااااااااااااااااااه معتصمَ أنقذوا تبيتنا قيل أنت تظيع

ألسيد عربي |  الجليل | 14/10/2007 09:06

كاتبنا الكبير ! كلّ التقدير لك ، قبل أكثر من عقد من الزمن ، حين قررت الخروج للتقاعد، قلت لزملائي انني لا زلت شابا ، اريد أن أعيش مليون سنة. لماذا شكوتني على لسان الطبيب ؟ ان حجارة العراق تعيش آلاف السنين رغم بشاعة ألأمريكان ووحشيّتهم ورغم أنه ليس في هذه الأمة ما يسر القلب .

هالة |    | 14/10/2007 23:22

ملأ الله قلبك حمدا وكتب لك في قلوب العباد ودا وأمدك من فضله في الرزق مدا ولا سلط الرحمن عليك من أهل السوء أحدا كل عيد وأنت بخير يا أستاذنا الكبير ودمت

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 زكريا تامر
زكريا تامر

القراءات: 14084
القراءات: 7871
القراءات: 7622
القراءات: 9474
القراءات: 8744
القراءات: 8854
القراءات: 8466
القراءات: 11749
القراءات: 8418
القراءات: 7958
القراءات: 9006
القراءات: 9290
القراءات: 8024
القراءات: 7553
القراءات: 9595
القراءات: 8526
القراءات: 8597
القراءات: 9354
القراءات: 11280
القراءات: 7735
القراءات: 7743
القراءات: 11541
القراءات: 7834
القراءات: 7522

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية