تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصناعة الموءودة..!

على الملأ
الاثنين 24-2-2020
علي محمود جديد

منذ نحو ثلاثين عاماً شرعتُ بإجراء تحقيقٍ صحفي عن قضيةٍ كانت حول إقدام بعض السيارات على مخالفة اسمها (فتل المحرك) وهي عملية لها علاقة بتغيير نمط المحرك أو التلاعب بقدراته بما يخالف المواصفات الموجودة في السيارة وإعطائه قوة أعلى مما حدّدته الشركات الصانعة،

ما يشكل خطراً كبيراً على السيارات وعلى المواطنين بطبيعة الحال، وهذه العملية تجري تهريباً.. أي من دون أخذ موافقة الجهات المختصة التي تبني قرارها على فحوصات فنية ودقيقة.‏‏

بدأت بالتحقيق، ووصلتُ بتقصّي المعلومات إلى طريقٍ مسدود، ورحتُ عبثاً أبحث عن منافذ من هنا وهناك إلى أن توصّلتُ إلى منفذٍ بدا لي ضيقاً في تلك الأثناء ولكنه بالنهاية غير مستحيل.‏‏

المنفذ كان بأن أذهب إلى حلب، فهناك خبير فذّ بشؤون السيارات، أعطوني اسمه وعنوانه، وعلى الرغم من أنني لم أكن وقتها قد زرتُ حلب من قبل، طلبتُ أذن سفر فتجاوبت الإدارة وذهبت.‏‏

وصلتُ إلى حلب كالأبله، لا أعرف الشرق من الغرب، ولكن تصميمي على معرفة الحقيقة كان أقوى من كل هذا التيه، سألتُ عن عنوان هذا الخبير، وكان في حيّ (الرّاموسة) وصلتُ إلى هناك فعلاً.. الشارع الرئيسي الصاخب ممتلئ بمحال صيانة وإصلاح السيارات، ورحت أسأل عن ذلك المحل الذي أقصده، فعثرتُ عليه.‏‏

كان هذا الخبير من الإخوة الحلبيين ومن أصلٍ أرمني، وقد عرفتُ ذلك من لَكنته الجميلة المُحبّبة، وما إن سألته عن القضية حتى أوضح لي بعض المعلومات التي استكملتُ من بعدها التحقيق مباشرة، ومن ثم تمّ نشره هنا في صحيفة الثورة.. في ثمانينات القرن الماضي.‏‏

ليس هذا مهماً.. المهم الذي أودّ الوصول إليه وقوله، هو أنني تشكّرت هذا الخبير كثيراً على معلوماته التي عجزت عن إيجادها عند غيره، فنظر إليّ باسماً وقال: هذه بسيطة يا بني.. وما دمتَ صحفياً سأقول لك شيئاً: لو سمعوا مني لكان في حلب اليوم مصنع ضخم للسيارات.. قلتُ له: كيف؟! فقال وبثقة عالية: أنا أستطيع أن أصنع السيارات.. وأستطيع أن أبني مصنعاً.. وأراهن بأن أنافس سيارات كثيرة في العالم.. ولكنهم لم يسمحوا لي بذلك.. قالوا لي: القانون لا يسمح .. لأن السيارات يجب أن تُجمرك.. وإن صنعتها هنا تصير محلية ولا نستطيع جمركتها!!‏‏

في الواقع يمكننا أن نقول الكثير .. ونستنتج الكثير أمام هذه الحكاية .. ولكن الأهم من ذلك الآن هو أن لا نتردد في دعم ورعاية حلب .. ولا سيما صناعة حلب .. ففي حلب عقولٌ صناعية مُبدعة بطبيعتها، فإن أحسنّا دعمها واستثمارها لانقلب اقتصادنا من حالٍ إلى حال.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي جديد
علي جديد

القراءات: 11229
القراءات: 731
القراءات: 702
القراءات: 716
القراءات: 746
القراءات: 750
القراءات: 744
القراءات: 744
القراءات: 778
القراءات: 783
القراءات: 714
القراءات: 780
القراءات: 803
القراءات: 782
القراءات: 888
القراءات: 834
القراءات: 806
القراءات: 882
القراءات: 826
القراءات: 899
القراءات: 785
القراءات: 871
القراءات: 885
القراءات: 890
القراءات: 948
القراءات: 949

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية