ولكن يحق لنا أن نسألكم، أو إذا أردتم نسأل ياقاتكم الباذخة، وقد تكون في نظر البعض الياقات الصدئة: هل تعرفون أين تضعون أقدامكم، وهل تعرفون من أين تقبضون رواتبكم (الخيالية حتماً)؟.. وهل تعرفون على أي ضفاف، وهي غالباً ما تكون ضفاف المستنقعات، تمارسون ذلك الفالس اللغوي والسياسي، الذي يعني شيئاً واحداً أنكم تبشرون بالربيع العربي (المسكين) وأنتم تمشون الخيلاء في سوق النخاسة..
نقول إن النظام في سورية ليس مقدساً، ونقول إن هناك من ارتكب ما ارتكب وينبغي أن يزاح، ونقول إن ولاءنا هو لوجه سورية البهي لأننا في هذا الوجه نرى وجوهنا، ووجوه آبائنا، وكل الوجوه التي لم تسقط على أرصفة الأمم، سراويل الأمم..
ولكن هل المشكلة كلها، وهل الانهيار كله، وهل الثورات التي تذهب إلى ديناصورات هذا العالم، هي مسؤولية ذلك النظام الذي لم نكن نعرف أبداً أنه، بإمكاناته المادية الهائلة، هو من يوقف عقارب الساعة في ضمير الأمة، وهو من حال بيننا وبين أن يكون لنا مكان لائق في بلاط الحداثة، فيما الأنظمة الأخرى هي أنظمة اليوتوبيا..
غريب أمر هذا النظام الذي جعل القارة العربية كلها تختال على تخوم القرون الوسطى (مع الاعتذار الشديد من العصر الحجري)، غريب أمر هذا النظام المرصع بالحرير فيما الملايين، بل عشرات الملايين، من العرب عراة وجياع ويائسون ومحطمون..
وغريب أمر هذا النظام الذي لم يستطع، ولو لمرة واحدة، ولو للحظة واحدة، أن يقنع «العزيزة أميركا» بأن تعيد لاجئاً واحداً إلى فلسطين، وبأن تهدم غرفة واحدة في مستوطنة تقام داخل عظام الفلسطينيين بل وداخل أرواحهم..
إذاً يحق للكتاب أو للكتبة، ومن أرائكم الذهبية أن ينقضوا بأسنانهم، وببراثنهم، ناهيك عن غرائزهم، على نظام باع العرب، وثروات العرب، حيناً على رصيف روتردام وحيناً على رصيف وول ستريت. ممّ تشكو أرصفة لاس فيغاس؟.
لا نستغرب، قد نصاب بالغثيان، وقد نصاب بالقهر (ونحن القهقرى)، فنحن هكذا في «مهرجان العدم» ونعلم أن النفاق يوزع على الناس بالأطباق الفاخرة، ألا تكتب المقالات إياها في حضرة الأطباق الفاخرة، والليالي الفاخرة والملاعق الفاخرة؟.
أحياناً يقال إن للفضيحة نكهة فاخرة أيضاً!!.