تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صنّاع الأمل

معا على الطريق
الجمعة24-1-2020
ديب علي حسن

الفرح والأمل، صناعة وقدرة على الغوص في الأعماق، ومن لا يتقن رسم البسمة على الوجوه لايمكن أن يكون من طينة البشر، ولا يعرف لوناً من ألوان الانسانية، وقديماً قالوا (ابتسم لي ولا تطعمني) فكيف إذا أجبرت عثرات الناس وكنت معهم في السراء والضراء؟

هل من عمل أنبل وأعظم من جبر الخواطر وتهدئة النفوس وفك عثرات المحتاجين، أمور بدهية كنا نتغنى بها أباً عن جد، ومازلنا، ولكن الأمر نادراً كما الذهب الأحمر كما يقال، نعم الكلمة الطيبة صدقة وفعل نماء وبركة، ومد يد العون في السر أكثر بركة وإنسانية وقدرة على حفر مجراها في النفوس.‏

فمن غير المعقول أن نمد يداً نظن أنها حانية لمحتاج، ونعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، وندعو من هب ودب للتصفيق لنا، فهذا أمر خارج إطار القيم الأخلاقية التي نشأ عليها مجتمعنا، ولا نظن أن أحداً يفعل ذلك، إلا إذا كان من باب الصلف والغرور، وما أندر ذلك.‏

الفرح الذي لمسناه منذ عدة أيام، من خلال المبادرة البسيطة، ولكنها العالية القيمة والنبل (ليرتنا عزنا) كل غرض بليرة، انتشرت بين السوريين بشكل جميل ورائع، ورسمت فرحاً حقيقياً، ليس لأنها مثلاً حلت مشكلة ارتفاع الأسعار، لا.. إنما لأنها كشفت عن المعدن النبيل للسوري المتجذر بأرضه ووطنه، القادر على اجتراح البسمة والتعاضد مع أخيه السوري حين يتطلب الأمر.‏

المبادرة ليست حلاً بكل تأكيد، لكنها رسالة نبل وكرم ولهفة اجتماعية بين الناس، وبالوقت نفسه تعلن بصوت عال: أن هذا الوطن يحتاجنا جميعاً، ومن أكل من خيره، وشرب ماءه، وتنكر له، ليس بسوري، بل هو مرتزق مهما كانت هويته وولادته، وتضيف: إن على التجار الذين يرفعون أسعارهم كل ساعة أن يشاركوا ليس بليرة، ولا بمئة، ولا بألف، فقط إنما بعدم رفع الأسعار كل ساعة، هذا أضعف الإيمان.‏

بل لماذا لا يبادرون إلى إعلان اكتفائهم بنصف الربح الذي يضعونه، لا نطلب منهم الخسارة، ولا نريدها، ولكن الجشع الذي عبروا عنه يدل على أنهم حققوا أرباحاً خيالية، ولو وزعوا بضاعاتهم بليرة لشهور فلن يخسروا، لكننا ثانية نقول: لا نريد ذلك، إنما ليكن الضمير حاكماً، اكتفوا بربع ربح، بنصف، وأضعف الإيمان ثبّتوا أسعاركم، ولا تستوردوا نفايات البضاعة وتسعروها بأعلى ما يمكنكم فعلاً.‏

هل نذكركم بالصانع الصيني الذي قال: أستغرب من التجار، لماذا يطلبون منا أردأ أنواع البضاعة، ومع ذلك يدّعون التقى والورع ، لكنه لم يضف أنهم يأتون بها إلى بلدانهم ويزوّرون الماركات العالمية، وبأعلى الأسعار تباع، ليكفوا عن هذا فقط، ونحن بخير.‏

إنها الأفراح الصغيرة التي ينطلق كل واحد منا ليصنعها، فتعم على الجميع، بلدنا بخير، مادام فيه صناع الفرح الحقيقيون، وليس جباة الأموال، وكل فقير للفقير نسيب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 621
القراءات: 627
القراءات: 647
القراءات: 548
القراءات: 564
القراءات: 636
القراءات: 680
القراءات: 656
القراءات: 532
القراءات: 733
القراءات: 614
القراءات: 607
القراءات: 594
القراءات: 616
القراءات: 598
القراءات: 550
القراءات: 664
القراءات: 574
القراءات: 642
القراءات: 618
القراءات: 681
القراءات: 652
القراءات: 671
القراءات: 592
القراءات: 641

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية