وعلى الرغم من أن الاقتصاد السوري متنوع ويعتمد في إيراداته وقوته على تعدد مصادر دخله وقطاعاته الأساسية، ما زال قطاعي الزراعة والصناعة يشكلان الرافعة الأساس لهذا الاقتصاد وبنسبة تزيد على 55% من إجمالي الإيرادات، كما وتسهم باقي القطاعات مثل قطاع الخدمات وتجارة البناء والتشييد ما يوازي 45% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع تقديرنا للجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية للمحافظة ولو على الحدّ الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والمالي وأيضاً السلعي، فإننا لا ننف أهمية تلك الجهود وأثرها الإيجابي في استمرار الصمود الأسطوري لسورية في مواجهتها الحرب الكونية ولمدّة ثلاث سنوات تقريباً، بالتأكيد ذلك لم ولن يكون لولا الجهود التي بذلت وما زالت مستمرة، لكن لا بدّ هنا من اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها تعزيز تلك المقومات ومضاعفة إمكانات وقدرة الاقتصاد السوري على المواجهة، وليصبح أكثر مناعة وعصيّاً على التأثر بالأحداث أو بما يجري بالمنطقة سواء بالتغيرات الحاصلة أم الإرهاصات الناجمة عنها والتي قد تنعكس سلباً هنا وهناك .
فكلما كان الاقتصاد قوياً انعكس ذلك إيجاباً على الواقع المعيشي للمواطنين وعلى الحياة الاقتصادية بشكل عام، وأيضاً يضاعف ذلك قدرته على الصمود ومواجهة التحديات، كما لا ننف أيضاً تأثر قطاعاتنا الاقتصادية بما جرى من أحداث داخل سورية ولو بنسب متفاوتة لكن علينا إعادة النظر بآليات النهج الاقتصادي وطريقة معالجة المشاكل التي اعتمدت خلال السنوات الماضية بعد أن اتضحت معالم الصح والخطأ وبانت الرؤى السليمة من غيرها، وإذا أخذنا قطاع الصناعة مثالاً لما يجري، نجد أن هناك هدراًَ كبيراً حصل وما يزال مستمراً لدرجة استنزاف حقيقي لهذا القطاع كما غيره من القطاعات الاقتصادية، والتي يتوجب علينا تشكيل رؤية شفافة وصريحة حيال المشاكل المزمنة التي تعتريها، وعلينا وضع الحلول المتكاملة التي قد تشترك في معالجتها كل الوزارات والجهات المختصة، حيث يتبادر تساؤل منطقي وموضوعي الآن، لمصلحة من يتم الاستمرار بتصدير المواد والمنتجات الخام في سورية حتى اللحظة .
وإذا كنا غير قادرين على تصنيعها لعدم توفر المنشأت اللازمة لذلك نقول : إن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً، إذاً علينا البدء اليوم قبل الغد لإقامة المنشات والصناعات العنقودية التي تهدف لإعادة تصنيع كل المواد الخام قبل تصديرها والتي تحقق قيمة مضافة تصل بالإنتاج إلى أضعاف قيمته الحقيقية وبالتالي يسهم ذلك بتوفير سيولة وتحقيق إيرادات أضعاف مضاعفة عن السابق.
وهنا نؤكد على ضرورة وضع استراتيجية صناعية لها هدف أساس وتتفرع منه مسارات وأهداف فرعية وفق سلسلة مترابطة ومتكاملة بالخبرة وصولاً إلى أفضل تنفيذ كما سباق التتابع الرياضي وعلينا البدء بمشاريع صغيرة ومتوسطة وحتى كبيرة واستراتيجية ولكن ضمن نهج الريعية والجدوى الاقتصادية وتوفير البنى التحتية اللازمة لإقامة المنشآت الصناعية اللازمة لتلك الصناعات بدءاً من النسيجية والقطنية وصولاً إلى الكيماويات والفوسفات وأيضاً تصنيع المنتجات الزراعية والاستفادة فعلياً من القيمة المضافة التي تحقق ريعية تصل إلى أضعاف القيمة التي تباع فيها تلك المنتجات كمواد خام فهل نبدأ الخطوة الأولى .؟
ameer-sb@hotmail.Com