دخل رجل الى تاجر دمشقي وكان عنده بعض رفاقه من التجار يشربون القهوة. قال الرجل للتاجر: أريد الأمانة التي وضعتها عندك قبل شهرين. فقال له التاجر: وما أمانتك؟ فقال الرجل: عشر ليرات ذهبية. شرد التاجر قليلاً وقال له:ربما أخذتها الى البيت كي لا تسرق. وأرسل ابنه الى البيت فأحضر الليرات الذهبية وناولها للرجل صاحب الأمانة، وخرج الرجل.
بعد قليل تذكر الرجل أنه وضع الأمانة عند تاجر آخر وليس عند هذا التاجر. فذهب وأحضر الأمانة من عند ذلك التاجر ورجع الى التاجر الأول وقال له: أنا وضعت الليرات عند تاجر غيرك وها هي لقد أحضرتها. فلماذا أعطيتني الليرات الذهبية طالما أني لم أضعها عندك؟
فقال له التاجر: لقد كان عندي تجار، وسمعتي طيبة عندهم وتهمني سمعتي! فلو قلت لك إنك لم تضع الأمانة عندي، فقد يشك بعضهم بأمانتي وهذا يعرض سمعتي للأذى ومن ثم تجارتي ،فشكره الرجل كل الشكر على هذا الموقف وقال للتاجر: هل تعلم أنه سيأتي زمان تصبح فيه السمعة آخر ما يهم التاجر؟أو بالأحرى تهم من ينقبون عن الآثار ليضعوها في المتاحف.
وخاصة أنه سيأتي زمان لا أحد يحاسب فيه التاجر، وسينعكس المثل القديم ليصبح ( التاجر أكل مال الفاجر) وستبرز أقوال مأثورة مثل ( كله ماشي) والزبائن مثل التراب ولا أحد يحاسبنا فلماذا نهتم بالجودة وبسمعتنا ؟ وسيأتي زمان يرفع فيه التجار لافتات مثل:(ليس لدينا لحم حمير) وذاك (خضراواتنا ليست مسقية بمياه المجارير) وذاك (لدينا مرتديلا خالية من الجراذين..) وذاك ( لدينا لبنة خالية من الاسبيداج وكل لوازم الدهان، وحتى خالية من الاسمنت الابيض) وذاك (لدينا..) وهنا انتفض التاجر وانفجر قائلاً له: انقلع من وجهي يا ساقط يا سافل. لو كنت أعرف أنك ستهذي بهذا الكلام لأعطيتك فوق عشر الليرات ألف ليرة وأعطيتك هذا المحل ولا أرى وجهك بعدها..