بشكل شبه كلي وذلك نظراً لطبيعة الأراضي فيها من حيث المساحات السهلية وخصوبة التربة وملاءمة الطقس والمناخ ووفرة المياه حيث تنتج المحافظة أكثر من نصف إنتاج القطر من المحاصيل الزراعية، وعلى هذه القاعدة فإن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً في سياق قراءة الواقع الصناعي والتجاري من جهة والحياة الاقتصادية عموماً من جهة أخرى هو: هل ثمة ملامح تجارية وصناعية واضحة في محافظة الحسكة..؟ وكثيراً ما يأتي الجواب على هذا السؤال من بعض المتابعين والمهتمين بسؤال آخر هو: هل ثمة ملامح أخرى أكثر وضوحاً كالسياحة والثقافة والخدمات أيضاً؟.
وإذا كنا لا نتفق مع الذين يرون بأن العديد من جوانب الحياة في هذه المحافظة المعطاءة تفتقر لملامح واضحة تعكس خصوصيتها الزراعية والصناعية إلا أننا في نفس الوقت نشعر بحاجة إلى التفسير الموضوعي والدقيق لوجهة نظرهم التي يجب ألا تقلل من شأن الجهود والخطوات التي تحققت على الأقل في النشاط الزراعي وإن كان هذا النشاط يفتقر حتى الآن إلى التنويع المطلوب والذي من المفترض أن يكون القاعدة الأساسية لتنويع وتوسيع النشاط الاقتصادي في العاصمة الزراعية لسورية. ولا يستطيع أي متتبع للنشاط الذي تشهده المحافظة في العديد من المجالات إلا أن يقر بوجود عمل مستمر في الزراعة
ونحن لا نريد أن نذهب بعيداً عن موضوعنا الأساسي وهو غياب الملامح الاقتصادية الواضحة وعدم وجود خطوات حقيقية على طريق تنويع النشاط الاقتصادي لكن الشيء بالشيء يذكر فالحق مع بعض الذين يقولون إن الحسكة بحاجة إلى كثير من الجهد والإمكانات وبحاجة أيضاً لمن يفكر بأساليب عمل وآليات توفر إمكانية رسم الملامح الواضحة التي تعكس خصوصية المحافظة من جهة وتوفر متطلبات تنويع النشاط الاقتصادي بحيث لا يقتصر على الزراعة وحدها فقط وإنما تزهو اللوحة الاقتصادية بكل الألوان ولا سيما المتوفرة في منطقة الجزيرة وخاصة الأبيض (القطن) والأصفر (القمح) والأسود (النفط) وإذا كان حديثنا اليوم يأتي في ظروف صعبة قد لا يتاح الآن عمل أي شيء في هذا الاتجاه إلا أن الظروف الصعبة نفسها تتطلب التفكير على الأقل بملامح واضحة للاقتصاد المحلي في مرحلة إعادة الإعمار.