تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستثمار في التعليم الخاص

منطقة حرة
الثلاثاء 16-10-2012
مروان درّاج

الأمر الذي يلفت الانتباه منذ سنوات ، أن حالة من التنافس باتت تشهدها المدارس الخاصة فيما بينها، بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الطلاّب، والطرائق والأساليب المستخدمة في هذا الجانب،

تكون في بعض الأحيان مقنعة نسبياً، في حين في بعض المدارس لا تخلو من أساليب الغش والتدليس وتتجاوز حتى الحدود الدنيا للضوابط والإجراءات الرسمية المعمول بها، أو المحددة سلفاً من جانب وزارة التربية.‏

وبداهة لن نضع كافة المدارس الخاصة في سلة واحدة، فالبعض منها يعود تأسيسها إلى عشرات السنين، وتمكنت من كسب سمعة حسنة نتيجة المستوى التعليمي المتميّز والأقساط المالية المناسبة، وبعض هذه المدارس أحدثت قبل سنوات قليلة وهي لا تهدف سوى إلى الربح، وتتقاضى مبالغ أكثر من خيالية لا يتمكن من تسديدها سوى أصحاب الدخول المرتفعة، من التجار ورجال الأعمال أو من محدثي النعمة.‏

ولعلّ الأمر الطريف في هذه المدارس التي يمكن تسميتها «بـخمس نجوم» أن القائمين عليها من إدارة ومالكين وهيئة تدريسية، يتفننون ويبرعون في اختراع الأساليب التي تظهر مدارسهم بأبهى الصور والكمال المطلق،.. ومن بين هذه الأساليب التي باتت أشبه بـ (الموضة) أن من يرغب من الطلاب في الانتساب لها، يباغتونه أولاً بسؤال حول مقدار العلامات التي حصل عليها في المدرسة العامة التي جاء منها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في حال كان الطالب من طلاب شهادة التعليم الأساسي ويرغب بإكمال تحصيله الثانوي في المدارس الخاصة، فإن العلامات المطلوبة لتسجيله في هذه الحالة تتفاوت بين مدرسة وأخرى، وهي تتراوح ما بين (235- 290) درجة من أصل (310) درجة.‏

ولأنّ مثل هذا الشرط يترك للوهلة الأولى انطباعاً إيجابياً لدى أهالي الطلاب، ويشير بأن هذه المدارس للمتميزين والمتفوقين، نجد أن أهالي الطلاب من الذين لم يتمكن أبناؤهم من تحصيل العلامات المطلوبة، يبادرون بتسجيل أبنائهم لكن إدارات هذه المدارس تظهر رفضاً قاطعاًَ بحجة تدني العلامات، ومع إصرار هذه الإدارات على الرفض، يقوم الأهالي بتكرار محاولة التسجيل أكثر من مرة، ولا يتوانى بعضهم في اللجوء إلى استخدام (الواسطات)، وفي نهاية المطاف تقبل هذه المدارس بأغلبية المتقدمين، وتكون خطتهم أو السيناريو المعد سلفاً قد نجح في إغواء وجذب الأهالي الذين بالضرورة سوف ينقلون ذات الصورة والتفاصيل إلى سواهم من الأصدقاء والمقربين، وهو ما يزيد من فرص الترويج لهذه المدارس وزيادة الإقبال عليها.‏

ومثلما تقوم بعض المنشآت الصناعية في الترويج لمنتجاتها من خلال تقديم ما يسمى (العروض) لجذب المستهلكين، فإن أغلبية مدارس التعليم الخاص، باتت تلجأ إلى ما هو قريب ومشابه لهذه العروض، وكأنّ التعليم تحوّل إلى سلعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن المدارس المغمورة تبادر بتقديم حسومات بنسبة قد تزيد عن (60) بالمئة أو (70) بالمئة من إجمالي القسط السنوي، والبعض الآخر لا يتوانى عن قبول الطلاب مجاناً، وهذا النمط من القبول يكون مشروطاً في حصول الطالب من المدرسة التي حضر منها العلامة التامة أو ما هو أقل منها بعلامتين أو ثلاث، وهم يفعلون ذلك ليس لسواد عيون أهالي الطلاب ولا إكراماً للطلاب أنفسهم، وإنما من أجل التباهي في الدرجات التي سيحققونها في نهاية العام الدراسي الذي سيقضونه في مدارسهم، وبالتالي فإن هذه الأسلوب ليس أكثر من طريقة للترويج، وهو استثمار إعلاني ودعائي رابح يمكنهم من خلال هؤلاء الطلاب المتميزين من جذب أعداد هائلة من الطلاب في السنوات اللاحقة .‏

وفي حال الإتيان على التجاوزات التي يشهدها التعليم الخاص. وكيف يمكن معالجتها ، فإن الحديث في هذا الجانب (يطول ويطول) ولا نهاية له، نتيجة خروج بعض المدارس عن الضوابط والشروط التي تحددها وزارة التربية. فكل الذين يعرفون حقيقة التجاوزات، وخاصة من الموظفين العاديين، يعلمون أن القائمين على هذه المدارس لديهم سجلان مدرسيان، الأوّل: حقيقي يبين أعداد الطلاب وأعداد الشعب وأحوال الطلاّب الدراسية وحقيقة الأقسام المالية التي يتم تحصيلها، والآخر مجرد سجل وهمي وكاذب من الألف إلى الياء ويتم إظهاره للجهات الرسمية، فيما لو تعرضت المدرسة لشكوى من ذوي الطلاَّب، أو في حال رغبت الجهات التربوية الرسمية الوقوف على حقيقة الأداء التدريسي، أو مبادرة وزارة المالية في تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة .‏

ملاحظات كثيرة يمكن تسجيلها على مدارس التعليم الخاص، ومثل هذه الملاحظات يعاد إنتاجها سنوياً من جانب المنابر الإعلامية الرسمية،.. لكن من الواضح، أن هذه المرجعيات يأخذها خيار الصمت عملاً بالمثل الشعبي الشهير «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».‏

marwandj@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 932
القراءات: 890
القراءات: 901
القراءات: 867
القراءات: 803
القراءات: 883
القراءات: 1107
القراءات: 876
القراءات: 890
القراءات: 1005
القراءات: 812
القراءات: 873
القراءات: 852
القراءات: 921
القراءات: 1010
القراءات: 1485
القراءات: 947
القراءات: 864
القراءات: 972
القراءات: 963
القراءات: 1042
القراءات: 1008
القراءات: 1067
القراءات: 1137
القراءات: 1030

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية