وسط تداعيات تفرض نفسها باستدعاء وقائع الحرب المدمرة في العراق التي قادها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بمبررات كاذبة بعد أن فتح حرب أفغانستان عام 2001 وتركها مؤجلة لتحقيق «النصر» في العراق كأولوية لعقيدة الحروب الاستباقية التي كلفت الولايات المتحدة المليارات وأورثتها السمعة السيئة وتركتها المحتل الوحيد للعراق بعد انفراط عقد التحالف الدولي في حرب ظالمة دمرت العراق وتركته يغرق في فوضى عارمة.
وفي مقاربة من المشهد العراقي فإن الحرب في أفغانستان أصبحت الآن حرب الرئيس الاميركي الجديد باراك أوباما الذي وضعها على فوهة البركان بزيادة القوات الاميركية وقوات الناتو وببدء عملية (المشترك) لاستئصال طالبان التي جعلت من الشهور الاربعة الماضية الاكثر دموية للقوات الاجنبية في الحرب الطويلة.
البنتاغون أعلن أن عملية (المشترك) ستمتد إلى 18 شهراً قبل بدء تخفيض القوات، وهي حاسمة لاستراتيجية أوباما التي جعلت من أفغانستان الجبهة الرئيسية لمكافحة مايسمى بالارهاب، هذا الارهاب الذي اعتبرته صحف بريطانية كذبة لم تعد تنطلي على أحد وأن الرأي العام لم يعد يبتلع هذا الطعم الذي يستخدم لقبول تبرير الخسائر بالارواح والاموال.
الاصوات في أوروبا بدأت تخرج من الهمس إلى العلن مطالبة بالانسحاب من أفغانستان مع تنامي الضغوط لوقف الحرب التي خرجت عن السيطرة وفي ظل تداول ناشطين وسياسيين لمقترح الانسحاب بعد خفض القوات مايعزز هذا الاتجاه أن الحرب في أفغانستان أطاحت بحكومة هولندا مع تصاعد الرفض الشعبي الاوروبي لارسال المزيد من القوات وخروج حركات السلام في ألمانيا تطالب بذلك.
لاشك أن سقوط الحكومة في هولندا بداية تصدع في التحالف العسكري للحرب ومؤشر على الوضع في أوروبا التي ترى شعوبها في أفغانستان حرباً خاسرة ومكلفة وطويلة ولا أمل في ربحها.
وبالفعل فإن كل الوقائع تشير إلى هذا الاتجاه خاصة أن المدنيين الافغان يدفعون ثمن دوامة عنف في بلد انهكته الصراعات والحروب ويحتاج شعبه للتنمية والاستقرار والسلام والامان وهذه أهداف لايمكن أن تحققها العمليات العسكرية لاستئصال طالبان التي تستقطب الافغان بتمسكها بمقاومة الاحتلال وحسب حتى ولو استمرت عملية ( مشترك) في هلمند وغيرها سنوات طويلة.