اقتصاد السوق .. إخفاق للنظام أم للحكومة!
اقتصاديات الأحد 12/10/2008 عبد القادر حصرية شهدت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبة خلال الأيام الماضية اضطراباً في نظامها المالي وفي أسواقها المالية لم يشهد العالم مثيلاً له من قبل.
ففي كل لحظة هناك انخفاض ثم بعض الارتفاع في مؤشرات الأسواق المالية وفي أسعار المواد الخام وعلى رأسها النفط يعكس حالة من انعدام الثقة في النظام المالي في تلك الدول بل حتى في معظم أنحاء العالم. وباتت عين العالم مشدودة باتجاه الأسواق المالية والأنظمة المالية وباتت الأخبار العاجلة الاقتصادية والمالية هي السائدة بدل الأخبار السياسية والتطورات الأمنية في مختلف دول العالم التي تشهد اضطرابات سياسية نتيجة الحروب والقلاقل السياسية. رد فعل الحكومات على المدى القصير يشبه عمل الإطفائي وذلك في مسعى لتلافي الانهيارات في المؤسسات المالية قد تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وحتى اجتماعية, أما اهتمام الحكومات والمحللين الاقتصاديين على المدى المتوسط فهو منصب على تحليل نتائج ما يحدث على الاقتصاد الوطني في تلك الدول لتلافي الدخول في حالة ركود اقتصادي إن لم نقل حالة كساد. الانخفاض في مؤشرات الأسهم الذي يعكس انخفاضاً في أسعار الأسهم القيادية في تلك الأسواق ما هو عملياً إلا خسائر تتحملها المؤسسات المالية التي تمتلك جزءاً من هذه الأسهم وكذلك المستثمرون وهو ما سينعكس بالتأكيد انخفاضاً في الاستهلاك كذلك أيضاً أزمة السيولة لها انعكاس قوي على توفر الائتمان والقروض بشكل خاص للمؤسسات والأفراد. حتى صناديق التقاعد في الولايات المتحدة تأثرت, فقد صرح مكتب الموازنة في الولايات المتحدة أن صناديق التقاعد خسرت خلال الأسابيع الماضية نحو تريليوني دولار أمريكي نتيجة الاضطرابات في الأسواق المالية. وفي الدول المتطورة كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا حيث الاستهلاك الفردي بدءاًً من شراء الأدوات المنزلية إلى السيارة وحتى قسط الجامعات يعتمد على الاقتراض, تصبح نتائج الأزمة الحالية التي تتجلى في نقص السيولة في القطاع المصرفي, اقتصادية بقدر ما هي مالية. كذلك فإن انهيار المؤسسات المالية وافلاسها يعني بالتأكيد أن الثروة الفردية للكثيرين ستتأثر سلباً وهوما له نتائج اقتصادية سيئة. الأزمة الحالية هي عالمية بامتياز والدولة التي تستطيع التصرف بسرعة لحماية مؤسساتها المالية واقتصادها هي الكاسب الأول أو بالأحرى الخاسر الأقدر على التقليل من جسامة خسارته, أما من يتخلف عن الركب فالوضع سيكون صعباً ولاشك بالنسبة إليه. وقد أظهرت هذه الأزمة أنه حتى التنسيق بين حكومات الدول التي تضمها وحدة اقتصادية كدول الاتحاد الأوروبي, لم يعد يكفي, بل لا بد من جهود وتعاون أبعد من التنسيق. ما نراه اليوم هو حالة من اخفاق السوق وليس اخفاقاً لنظام اقتصاد السوق لأن الدولة في اقتصاد السوق لها دور في تنظيم الأسواق لا تستطيع التخلي عنه وإن هي تخلت أصبح السوق هو الحاكم وهذا بالطبع ليس اقتصاد السوق. ما يجري حالياً يعكس نتائج سياسات اقتصادية تخلت فيها الدولة عن دورها في تنظيم الأسواق والرقابة عليها للتأكد من أنها تسير لمصلحة الطرف الأهم ألا وهو المستهلك, أو بمعنى آخر المواطن. غرور وصلف الإدارة الأمريكية الحالية, التي هي في حالة انصراف, في التعامل مع الإشارات الأولية للأزمة وتحذيرات الخبراء حوّل الأسواق المالية إلى كازينو كبير تدفع جميع دول العالم نتائج اللعب فيه دون حتى أن تدخله. نتيجة سياسات الإدارة الأمريكية الحالية هي عجز في الموازنة العامة وتدهور في قيمة الدولار واضطراب في الأسواق المالية يستغرق التخلص منه وقتاً طويلاً. ما يجري ليس اخفاقاً للسوق, لكنه اخفاق للحكومة يعكس حالة مراهقة اقتصادية وتخلف للحكومة عن القيام بدورها في تنظيم السوق والرقابة عليه بينما هذا الدور هو جزء لا يتجزأ من اقتصاد السوق!
|
عبد القادر حصرية
|
القراءات: 884 |
|
القراءات: 1402 |
|
القراءات: 889 |
|
القراءات: 986 |
|
القراءات: 904 |
|
القراءات: 1128 |
|
القراءات: 965 |
|
القراءات: 2087 |
|
القراءات: 919 |
|
القراءات: 1073 |
|
القراءات: 1228 |
|
القراءات: 981 |
|
القراءات: 1430 |
|
القراءات: 983 |
|
القراءات: 1004 |
|
القراءات: 1109 |
|
القراءات: 1293 |
|
القراءات: 1159 |
|
القراءات: 1066 |
|
القراءات: 1133 |
|
القراءات: 1083 |
|
القراءات: 2201 |
|
القراءات: 1162 |
|
القراءات: 13315 |
|