تذكروا كيف احتفينا به عام ستة وتسعين حينما انتضى سعد الله ونوس سيف المسرح ومشقه في وجه السرطان على خشبة الحمراء بدمشق محييا الأمل بالمسرح كنوع فني لاغنى لأغلب البشر عنه.
المناسبة جاءت هذا العام خجولة، او هكذا رصدتها مجسات الاعلام الثقافية، دون حفاوة جاءت، او هكذا شعرناها، وكأننا لانريد ان يمر يوم 27 اذار دون ان يرمي احد ما حصاة من ضوء على هذه الخشبة اليابسة، فقد ترجّل فرسانها عن نبالة العمل كرمى لأبي الفنون فقط، كما ان الفرسان الجدد، ان وجدوا، اشاحوا بفنهم عن التعاطي معه لانه نوع فني لايطعم شهرة.
جمهور يتكور على نفسه، وخشبات تتقلص فضاءاتها، ونصوص «لاتجيب» همها لكاتبها، اذا عن اي خشبة ونص وجمهور نتحدث؟ الاترون الردة على المسرح في تونس مثلا؟ ألا ترون الحرائق في كثير من حوارينا العربية. رب قائل إن الحديث عن يوم ثقافة في زمن الأشلاء وتسيّد الأحمر كلون على يومياتنا دون سواه، هو ضرب من ترف لايصح في معمعة الخراب التي نحياها.
قليل من ترف في كثير من خراب لا يضر، او هو مطلوب، فعلى الأقل حينما نسمع نحيب الخشبة نعزيها بالعودة الى مخزون ثر من ذاكرة الامس القريب، صاخبة بالمسرح والمسرحيين وأزماتهم التي كانت تطفو على صفحات الثقافة باعتبارها «قضية مركزية».
نكتب عن المسرح في عيده من باب انه فن يجعل العالم اجمل. هوعند ونوس، شرط من شروط قيام المجتمع، وضرورة من ضروريات نموه وازدهاره.