| التسويق وإنصاف المزارعين منطقة حرة أن وزارة الزراعة وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( الفاو ) واتحاد غرف الزراعة السورية والاتحاد العام للفلاحين , بادرت مؤخرا بإطلاق مشروع لتطوير التسويق الزراعي بهدف تحسين جودة المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني ولرفع كفاءتها التسويقية على الصعيدين الداخلي والخارجي , وحسب ما جاء في مضمون هذا المشروع , فهو يرمي إلى تعميم مفهوم الإرشاد التسويقي بين المزارعين باعتباره المحرك والمدخل الأساسي لتطوير كل حلقة من حلقات سلسلة النظام التسويقي للمنتجات الزراعية بما ينعكس إيجابا على العاملين في هذا القطاع وصولا إلى المستهلك , ويشكل هذا المشروع من الناحية النظرية قفزة نوعية غير مسبوقة, لكن دائما وأبدا تبقى العبرة في القدرة على التنفيذ من خلال البحث عن أصحاب القدرات والكفاءات الذين بمقدورهم تحويل الأقوال إلى أفعال . غير أن القضية التي يتعيّن التنبيه لها بعد ولادة المشروع التسويقي الجديد، أنّ المشكلة القديمة في تعاطي التجار والمصدرين مع المزارعين لم تتبدل رغم إثارتها في أكثر من مناسبة, وخاصة خلال تنظيم المؤتمرات الفلاحية، والمقصود بهذه المشكلة القديمة – المتجددة، أنّ التاجر ما زال وحسب التعبير الشعبي الرائج «يأكل البيضة والتقشيرة». أي في الوقت الذي يباع فيه كل كغ من التفاح للمستهلك – على سبيل المثال- بمبلغ يصل إلى (75) ليرة، فإنّ المزارع لا يحقق من المبلغ المذكور أكثر من (25) ليرة في أحسن الأحوال، وذات المثال يمكن سحبه على عدد من أصناف الفاكهة والخضار، وبالاتكاء على هذه الحقيقة وتكشفها بشكل معلن، بات من شبه المألوف، أن تبادر شريحة واسعة من المزارعين في التوجه إلى الأسواق المحلية وتسويق منتجاتها بنفسها دون حضور أي وسيط من تجار الجملة والمفرق، واللاَّفت أن من يفرض بورصة الأسعار هو التاجر الذي يقوم بالتصدير مباشرة، والمزارع بات يعلم أن لعبة التجار أصبحت مكشوفة، فكلما ارتفعت وتائر التصدير ارتفعت أسعارها في السوق المحلية..، وبغض النظر عن الكثير من التفاصيل التي يمكن سردها حول علاقة التجار والمصدرين مع المنتجين وآليات فرض الأسعار وانعدام الثقة بين الطرفين، فإنّ على غرف الزراعة والمنظمات الفلاحية، وكل من له علاقة بالدفاع عن حقوق ومصالح المزارعين، السعي إلى ترجمة المشروع التسويقي لضمان إنصاف المزارعين وتحقيق سياسة سعرية مجزية، وحضور هذا الاستحقاق بات أكثر من ضرورة وحاجة ماسة بعد انقضاء سنوات على ولادة هيئة تنمية الصادرات واتحاد المصدرين، فهذان الطرفان من الواضح أنهما يشقان طريقهما بكثير من التباطؤ والكسل، مع أنه بمقدورهما صوغ آليات وضوابط ناظمة لعمليات شراء منتجات المزارعين التي تشهد حالة مستمرة من الفوضى . الكل يتطلع إلى سياسة تسويقية جديدة , والكل يأمل توفير كل الدعم الفني والمالي وأصحاب الخبرات والكفاءات كي لا تطلق الذرائع التي تشير إلى عدم التمكن من تحقيق النجاح بسبب غياب العناصر التي أتينا على ذكرها , فإنجاح المشروع التسويقي يتطلب الاطلاع على تجارب الآخرين , بل العمل على ابتكار وتطوير أساليب أخرى قد تكون أكثر تميزا من مثيلاتها في الأسواق الخارجية ما دام أن الشروط الأساسية للنجاح متوفرة , فالتسويق الحديث لن ينصف الفلاح والمستهلك في آن , وإنما قد يخلق المزيد من فرص العمل لجهة إحداث شركات خاصة في الفرز والتوضيب , وشركات أخرى خاصة في تقديم الدعاية والإعلان وتنظيم المعارض الزراعية المحلية والمشاركة بمثيلاتها في البلدان الزراعية المتطورة , بهذا المعنى , هناك قيمة مضافة جديدة قد تدخل الإنتاج الزراعي من خلال الارتقاء بعمليات تسويق تحاكي ما طرأ من تبدلات في أعقاب هدم جدران الحدود من خلال اتفاقات دولية وإقليمية قدمت رزمة من التسهيلات والمزايا للوصول إلى تسويق أمثل لكل المنتجات سواء كانت زراعية أو غيرها . marwandj@hotmail.com "> marwandj@hotmail.com
|
|