إنني لا اقصد هنا المعنى الشائع نسبته إلى المدينة التي ولد فيها , بل إن إعطاء لقب الموسيقار الحلبي يعطيه معنى التفوق في الجانب الموسيقي .
وفي الوقائع والسيرة المهنية كان علي الدرويش لكل العرب ولكل حواضر الفن والأدب في النصف الأول من القرن العشرين فقد كانت له جولات تعليمية في دمشق وحلب والقاهرة وبغداد وتونس , وقام بتدريس أصول النغم في المعاهد الموسيقية في هذه المدن , إضافة إلى دوره الفاعل في أول مؤتمر موسيقي عربي عقد في القاهرة .
ربما لا أضيف جديدا عندما أقول إن على الدرويش كان أستاذا لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ,رياض السنباطي والموسيقار التونسي الكبير الدكتور علي المهدي , لكن من المهم القول إن هناك صفة توفرت في علي الدرويش لم تتوفر في غيره من أساطين النغم وشيوخ الطرب , فقد كان واحداً من الباحثين في الموسيقا العربية الشرقية والموشحات , وواحداً من قلة عرفوا التدوين الموسيقي في وقت كان الكبار منهم يعزفون على السماع , وتعلم منه كبار الموسيقيين فن التدوين الموسيقي وله مؤلفات لعل اشهرها ( النظريات الحقيقية في علم القراءة الموسيقية ) .
دمشق تحتفي بعلي الدرويش , ومن قبل احتفت به حلب في مهرجان الأغنية السورية , ولكن علي الدرويش يستحق أن تكون له احتفالية خاصة به لا يشاركه فيها أحد , فقد هضم حقه زمنا ولا سيما من الباحثين الموسيقيين العرب , رضي الدرويش أن يبقى درويشا في سيرته الحياتية , وظل متواضعا لا يسعى إلى الشهرة بقدر ما يسعى إلى نشر علمه وفنه , وربما لو كان علي الدرويش في مكان آخر لكان له شأن آخر في المجد والشهرة .